في محافظة العارضة، لا يأتي المطر وحيدًا، بل يصطحب معه نسمات فرح، ورائحة ترابٍ مشتاق، ولهفة قلوبٍ تترقب لحظة اللقاء. هطلت علينا الأمطار وكأن السماء قررت أن تهمس لنا بمحبتها، ترسل علينا رسائل من الغيم، وتغسل وجوه الجبال والشجر، بل حتى الأرواح شعرت كأنها اغتسلت من تعب الأيام. في العارضة، للمطر طعم مختلف. تختلط به نكهة الأرض الطيبة، وأحاديث الجدة القديمة، وذكريات اللعب تحت المطر ونحن صغار. تتراقص قطراته فوق الأسطح، وتتسابق إلى مجاري السيول، فيما تقف الأشجار شامخة وكأنها ترفع كفوف الشكر للغيم. يا لها من نعمة حين يُبعث الفرح من السماء، وحين تزهر الأرواح كما تزهر الأرض. المطر في العارضة ليس مجرد حدثٍ جوي.. إنه قصيدة من فوق، تُقرأ بقلوبنا، وتُحكى في المجالس، وتُحفر في الذاكرة.