×
محافظة صبيا

كان صرحا شامخا فهوى *وداعا إدارة تعليم صبيا*

صورة الخبر

في عام ١٤٠٣هـ كنت أدرس في السنة الثانية بكلية التربية – فرع جامعة الملك سعود في أبها ، يومها سمعت عن إنشاء إدارة تعليم بمحافظة صبيا وكان الكثير من الزملاء تغمرهم الفرحة .. أنا لم يكن طموحي أصبح معلما وخاصة بعدما تخصصت في علم النفس ، فقد كان بإمكاني أكون في الصحة وهيأت نفسي لذلك وحصلت في التربية الميدانية على تقدير ممتاز وكنت أعد نفسي أكون باحثا وأخصائيا نفسيا في السجون والمؤسسات التربوية والفكرية وكان طموحي أواصل عبر الإعادة دراستي العليا ، وطموح الشباب كانت لا تغرب عنها شمس الآمال والطموح والتطلعات والرغبات .. لكن أحيانا : *تجري الرياح بما لا يشتهي السَّفِنُ* تخرجت في كلية التربية يوم ٩ رمضان ١٤٠٥هـ وقدمت أوراقي لعمادة الكلية كي أصبح معيدا في قسم علم النفس فقد كنت الثاني على الدفعة إلا أن التأخير من قبل عمادة الكلية جعل صبري يعيل وينفد ومللت من طول الانتظار فسحبت ملفي فقد تعين بعض الزملاء معلمين .. رفعت أوراقي بسرعة ولم يكن أمامي سوى التعليم فرفعتها لوزارة (المعارف ) التعليم حاليا . وطلبت إدارة تعليم صبيا فكان لي ما أردت وتعينت معلما ( مرشدا طلابيا ) بمدرسة المطعن الابتدائية والمتوسطة ومسلية الابتدائية المتوسطة لعام واحد وأكملت عامين بالمطعن ومع بداية ١٤٠٩هـ انتقلت لثانوية بيش ويتبعها معهد إعداد المعلمين وبقيت بها أربع سنوات مرشدا طلابيا ومعلما لمادة علم النفس وعلم الاجتماع. مع بداية عام ١٤١٣هـ انتقلت إلى إدارة تعليم صبيا مشرفا تربويا بقسم التوجيه والإرشاد ، وأمضيت ثلاثين عاما مشرفا تربويا بقسم التوجيه والإرشاد والبحوث التربوية ورعاية الموهبين ثم انتقلت إلى مكتب تعليم بيش مشرفا للتوجيه والإرشاد ثم وحدة الخدمات الإرشادية ثم تقاعدت مبكرا بعد خدمة ٣٧ عاما ، كانت من أجمل سنوات العمر عاصرت فيها مشرفين تربويين أكفاء ومديري تعليم عباقرة وأكفاء ومديري مكاتب .. والقلب معلق بالتعليم بصفة عامة وإدارة تعليم صبيا بصفة خاصة رغم مضي أربع سنوات على تقاعدي إلا أن تعليم صبيا في القلب ، حضرت لقاءات داخلية وفي كثير من مدن وطني الحبيب وقدمت دورات تزيد على الأربعين ودورات حتى خارج إدارة التعليم في مدن ومناطق أخرى .. وصل عدد مدارس صبيا إن لم تخن الذاكرة قرابة ٦٠٠ مدرسة ، خرجت أجيال وأجيال. اليوم عندما قرأت خبر إغلاق إدارة تعليم محافظة صبيا شعرت أن رجلا عالما كبيرا حكيما فقيها يرجع إليه جميع أفراد المجتمع قد مات .. فتساقطت دمعات من عيوني السليمة والمصابة فأنا يدوب خرجت من المستشفى العسكري بخميس مشيط وليس عندي سوى عين واحدة أما الأخرى فمقفلة تنتظر رحمة ربها لتعود كأختها .. لكن ما رضيت أن أكتم مشاعري فكتبت رغم معاناتي ومرضي . عندما بدأت أكتب ظهرت في بؤرة شعوري أبيات من قصيدة الأطلال للدكتور إبراهيم ناجي والتي تغنت بها كوكب الشرق !! يا فؤادي رحم الله الهوى كان صرحاً من خيال فهوى اسقني واشرب على أطلاله واروِ عني طالما الدمع روى كيف ذاك الحب أمسى خبراً وحديثاً من أحاديث الجوى وبساطا من ندامى حلم هم تواروا أبداً وهو انطوى يا رياحا ليس يهدأ عصفها نضب الزيت ومصباحي انطفا وأنا أقتات من وهم عفا وأفي العمر لناسٍ ما وفى كم تقلبت على خنجره لا الهوى مال ولا الجفن غفا وإذا القلب على غفرانه كلما غار به النصل عفا ستظهر سلبيات قرار إغلاق إدارات التعليم في المحافظات وكذلك مكاتب التعليم فيما بعد ، من خلال خبرة ٣٠ سنة مشرفا تربويا وسبع سنوات معلما ومرشدا طلابيا أرى أن القرار خطأ ، خاصة إذا كانت الإدارة مثل إدارة تعليم صبيا فقد تقاعدت وعدد مدارس صبيا حوالي ٦٠٠ مدرسة ويمكن تزيد أو تقل ولي أربع سنوات متقاعد يمكن زادت وجازان أكثر منها. كان القرار يصلح مع الإدارات التي عدد مدارسها مئتين أو أقل. الإنسان لا تديره التقنية ، وهو الذي يدير التقنية !! .. وهل التقنية منعت غياب المعلمين والمعلمات والطلاب والطالبات منذ إشاعة الخبر من مدة وعودة بعض المشرفين للمدارس أو بقاء بعضهم مقيما في المدرسة ؟! . ما كان هذا الغياب يحدث بهذه الكثرة إلا بعد أن أعيد المشرف لمدرسته. ما كان يحدث في المدرسة أن يغيب عشرة معلمين أو عشر معلمات في يوم واحد كما سمعت . وكيف ستحل المشاكل والقضايا ؟. ليس كل مدير مدرسة أو مديرة مدرسة لديهم من القدرات التي تمكنهم من قيادة الأفراد وضبطهم ، وبعضهم تخصصاتهم ليست تربوية .. وكان الإشراف التربوي عامل مهم في الضبط والتمكين وحل المشكلات التي تقع في المدارس . هناك الكثير من مديري المدارس ومديرات المدارس ليس لديهم الشجاعة في اتخاذ القرار وبعضهم مجاملين وبعضهم يحرص على الكرسي أكثر من حرصه على نجاح العمل . هل سيتم تمكين مدير المدرسة أو مديرة المدرسة من التعاقد مع معلم في حالة مرض معلم وانقطاعه لمدة شهر لأي سبب من الأسباب ؟. هل سيكون مدير المدرسة قادرا على إنهاء تكليف معلم مارس بعض الأخطاء ؟. وفي الختام أتمنى أن تكون وجهة نظري خاطئة . قال تعالى : ( فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا ). سورة النساء .