×
محافظة الحائط

عصام خوقير الطبيب اللبيب والأديب القدير - عبده الأسمري

صورة الخبر

بنى جسور «العصامية» من أعماق الطب إلى آفاق الأدب مولياً بوصلة «قلمه» شطر «المسرح» عاصماً «وقته» من الفراغ مستعصماً بدوافع «ذاتية» شكلت دهرين من «الطموح» أحدهما للعلم والآخر للعمل. ما بين طب الأسنان وحب الإنسان سخر موهبته في صناعة «الرواية» المسكوبة بحبر «الهم» ووظف مهارته في صياغة «القصة» المسبوكة بجبر «الفرج» موزعاً أفكاره بين «سخرية» موضوعية و»حبكة» درامية نطقت بها «الإذاعة» جهراً في متون «الذاكرة». انتصر للخارجين من «نوافذ» الدهشة بحثاً عن عودة عبر «أبواب» اليقين في «مؤلفات» صنعت «الألفة» ما بين فضاء «العيش» وإمضاء «التعايش» ضمن «توليفة» أوجدت «الحلول» أمام مرأى «الثقافة». إنه الأديب النوعي والطبيب المتميز الدكتور عصام خوقير رحمه الله أحد أهم رواد القصة والمسرح والأدب في الوطن والخليج. بوجه «حجازي» مسكون بابتسامة وزع إضاءاتها ببذخ وتقاسيم «مكية» ناطقة بود مستديم وجد منتقى وعينان لماحتان تسطعان بنظرات «الأناة والتروي» مع محيا كساه «الشيب» وقاراً واقتداراً وأناقة تعتمر الزي الوطني والرداء الطبي الأبيض الذي يتواءم مع سريرته «النقية» وعبارات أدبية فاخرة تتعامد على مخزون أدبي ومكنون ثقافي وخبرة عريضة في الشأن الصحي والتخصص المهني قضى خوقير من حياته «عقودا» وهو يؤسس منظومة «القصص والروايات» ليحولها إلى «أعمال» سامقة تجاوزت «حيز» المأمول واعتلت منصة «التميز» ويؤصل «معاني» الكتابة في خدمة «الأجيال» ويؤسس منهجية ثقافية مطرزة «بنهج» فريد مزج بين العراقة والأصالة حتى ملأ دروب «الأثر» بصيب نافع من «الفوائد» التي تجلت في العلن بشواهد السيرة ومشاهد المسيرة كاتبا وقاصاً وروائياً وطبيباً ومسؤولاً حكومياً رسخ أسمه في مقامات «البارزين» على صفحات المهنية وومضات المجالات الثقافية. في مكة المكرمة منبع «الطهر» ونبع «التقى» ولد خوقير في مساء ربيعي عام 1346 وتفتحت عيناه على «أب كريم» أشتهر بوجاهة «المنصب» وسماحة «الصفات» وأم تقية عرفت بسخاء «اليد» ونبل «الجيرة» وارتسمت في الأحياء المكية المتجاورة في المكان والمتحدة في الأفراح «شواهد» المقدم المبارك على «أنفاس» البخور المكي المعتق بأريج «البركة».. أطلق والديه عليه اسم «عصام» تيمناً بدواعي الاسم ومساعي المسمى وانطلقت أهازيج الفرح بقدوم «فارس» جديد الى أسرة «خوقير» الشهيرة بزف «النبلاء» الى محافل التنمية. درس خوقير في المدرسة الرحمانية ونشأ في كنف والده الذي أهداه كتاب «المعلقات العشر» بعد إنهائه المرحلة الابتدائية ليحفظه خلال إجازة الأربعة أشهر إمعاناً في شحن «عقله» بموجبات «العزم» وعزائم «الواجب» من خلال التعلم الباكر والتميز المبكر. تردد خوقير مع زملائه على «التكية المصرية» ليرسم في وجدانه مشاهد «الأطباء» وهم يعالجون العابرين واستمر يقتنص من «سحن» البسطاء «بواكير» مبكرة لكتابة بروفاته «الأولى» التي تحولت في محيط «الزمن» الى روايات مثلى صنعت بعداً ثرياً من السخرية والفكاهة والحس والحدس التي اجتمعت في «قوالب» أدبية زاخرة بالإجادة والإفادة. قرأ بنهم في مكتبة والده «الضخمة» وظل ينهل من معين «الكتب» ويتشرب من «ينبوع» الأدب ومضى يحتفظ بقصاصات شعر إيليا أبو ماضي ويقتني مقولات «إحسان عبد القدوس وعبدالله العبد الجبار وأحمد السباعي وغيرهم في «نبوءات «باكرة ارتسمت واقعاً في سنوات لاحقة. ركض خوقير مع أقرانه بين حارات «المسفلة والقشاشية والحجون» وتعتقت نفسه بأنفاس «الروحانية» في «الحطيم» وأمام الحجر الأسود وتشربت روحه نفائس «السكينة» في صحن الطواف وحول مقام سيدنا إبراهيم وترسخت في أعماقه «ذكريات طفولية» باهرة مجللة بالحنين ومكللة باليقين ظل يوثقها في كشكوله الصغير المكتظ بتوقيعه «الخاص» الذي كبر معه ليترسخ على «وصفات الدواء» ويتجلى على «سطور القرار». ثم التحق بمدرسة تحضير البعثات للدراسة الثانوية بمكة ثم طار إلى «قاهرة المعز» والتحق بكلية الطب بالقصـر العيني، وحصل منها على درجة البكالوريوس في طب وجراحة الأسنان عام 1953م، وواصل دراسته العليا في بريطانيا حيث تخرج من جامعة لندن معهد ايستمان لجراحة الأسنان عام 1957م. تميز في حياته العملية وانطلق راشداً يوزع بشائر «العلم» في آفاق «التضحية» حيث عمل مديراً للصحة المدرسية وطبيب أسنان بمنطقة مكة المكرمة لمدة أربع سنوات، ومنها انتقل إلى المدينة المنورة مديراً للمستشفى المركزي، ومديراً للشؤون الصحية، حتى عام 1385 حيث انتقل للعمل بجدة مديراً للصحة المدرسية حتى عام 1392 هجرية، تفرغ بعدها لمزاولة عمله طبيباً للأسنان بعيادته الخاصة حتى عام 1426هـ. بدأت مشاركاته الصحفية والإعلامية المتنوعة منذ عام 1376هـ، في صحف جريدة البلاد والمدينة وعكاظ وصحيفة الندوة وأحياناً في صحيفتي الرياض واليوم. انجذب مبكراً للأدب ومضى يرتب مواعيد «الإنتاج» على أسوار المسرح حيث كتب أول نص مسرحي روائي بعنوان (في الليل لما خلي) عام 1390 وواصل نجاحاته وإبداعاته وظل «ثاوياً» في ميدان «التأليف» كفارس متوج بالإصدارات المنوعة التي لامست هموم الإنسان ومتطلبات الحياة وأمنيات «المستقبل» حيث نشرت له العديد من الأعمال ومنها: في الليل لما خلي. وهي عمل مسرحي روائي. ورواية «الدوامة» ورواية «السعد وعد» والتي تحولت إلى مسلسل تلفزيوني من بطولة الفنان القدير محمد الطويان بدور (حظيظ)، وبكر الشدي وصالح الزاير. و«زغرودة بعد منتصف الليل»، وألف مجموعة قصصية بعنوان «زغرودة ما بعد منتصف الليل» و»سوف يتأنى الحب» وهي عبارة عن رواية تسجيلية للأنماط الاجتماعية السائدة في مكة وجدة قبل خمسين عاماً وأصدر رواية فكاهية بعنوان «زوجتي وأنا» ومسرحية فكاهية بعنوان «عيلة أنس» ورواية في الخيال العلمي بعنوان «غداً تشرق الشمس» ومؤلف شرخ في الحائط الزجاجي ورواية «السنيورة» ورواية «السكر المر». وقدم العديد من المشاركات الطبية والاجتماعية ومشاركات في برنامج فوازير رمضان وقدم له التلفزيون مسلسل (السعد وعد)، ومسرحية فكاهية باسم (عِرق الرجال). كتب للإذاعة نحو 50 عملًا إذاعيًا تم توظيفها في برنامج (بسمات) الذي قدمه أمين سالم الرويحي خلال السبعينات الميلادية وتم تكريمه من مهرجان الفرق المسرحية السادس بسلطنة عمان وفي إثنينية الشيخ عبد المقصود خوجة وغيرها. انتقل خوقير إلى رحمة الله في نوفمبر 2018 م وصلي عليه في الحرم المكي الشريف وووري جثمانه «مقابر المعلاة» وتناقلت «الصحف» نبأ وفاته واستعرضت وسائل الإعلام مناقبه ومآثره وما تركه من أصداء وبصمات أدبية وطبية وثقافية ووطنية ترددت في «آفاق» السمعة الموثقة بوقائع «الأثر» والوثيقة بحقائق «التأثير» في شؤون «العمل الطبي» ومتون «العطاء الأدبي» وقد كتب عنه عدد من تلامذته ومعارفة ورفقاء دربه وزملاء مراحله «مقالات» تأبين متعددة في رحيله. الدكتور عصام خوقير الطبيب اللبيب والأديب القدير صاحب السيرة المعطرة بالإنجاز والمسيرة المسطرة بالاعتزاز.