قبل عقود من الزمن إبّان حقبة التسعينيات الهجريّة تقريباً كان مجموعة من الشباب يحبّون كرة القدم كهواية لدى أغلب الناس في محافظة القنفذة التابعة لمنطقة مكة المكرمة اتفقوا حينها على أن يكون هنالك فريق واحد من قريتهم والقرى المجاورة التي تسمى (الأحسبة)، يمثل هذا الفريق قُراهم الطامحة، واتفقوا على تسمية هذا الفريق باسم (المجد). يمثلهم في بطولات الحواري الرمضانية والصيفية ويرفع اسمها بين القرى والمراكز المجاورة في القنفذة، لم يلبثوا إلا وأصبحوا منافسين بشراسة على جُل البطولات وحققوا الكثير منها ولكن ماذا حدث بعد ذلك؟ الذي حدث ليس سهلاً وليس رواية خيالية بل حقيقة يجب أن تُروى وتعكس هذه الحقيقة طموح الشباب السعودي الذي لا حدود له والذي لم يكن ليتحقق لولا فضل الله سبحانه ثم رؤية ودعم القيادة أيدها الله وخصوصاً ولي عهدنا الحبيب وسيد الزمان والمكان الذي قال ذات يوم إنه يتطلع بتفاؤل إلى مستقبل يصنعه الشباب السعودي وأن هؤلاء الشباب هم القوة والطاقة الحقيقية لتحقيق ذلك المستقبل ورؤية 2030 النيّرة. بعد ما حقق فريق (المجد) أغلب بطولات الحواري بالقنفذة وصال وجال حتى وصل لبطولات مكة وجدة لم يكتف عند هذا الحد وإنما بعد تأسيس رابطة الهواة لكرة القدم شارك بفعالية كبيرة وحقق بطولة الهواة على مستوى المملكة العربية السعودية عام 2018. بعد ذلك رأى قادة مجد القنفذة بأنه حان الوقت لكي يصبحوا في مكان يليق بهم فهم يرون أنه من الظلم البقاء تحت مظلة الهواة ودوريات الحواري ليس غروراً وإنما حبا للنجاح ولتحقيق الأحلام والطموحات، تكاتف أبناء المجد واستمروا في العمل وجلب المواهب من كافة أنحاء محافظة القنفذة وخارجها حتى تحقق الحلم الكبير الذي كان يراودهم وهو تسجيل ناد رسمي في الاتحاد السعودي لكرة القدم باسم نادي مجد القنفذة في عام 2023 وبدأت مسيرته بالمنافسة في دوري الدرجة الرابعة بالنسبة للفريق الأول، وكذلك عدة درجات للناشئين والشباب وفي يوم السبت 24 مايو 2025 تحقق حلم المحافظة الكبير بصعود نادي مجد القنفذة إلى الدوري الممتاز لفئة أقل من 16 عاما، وهذا إنجاز يستحق أن يكون من أعظم قصص النجاح بجهود ذاتية ودعم محدود وبسيط من قبل أهالي المحافظة وعدد من رجال الأعمال، عدة أشخاص يمتلكون الخبرة وحب النجاح والقليل من المال استطاعوا السعي لتسجيل ناد رياضي رسمي والسفر إلى كافة مناطق المملكة للمنافسة في عدة درجات مختلفة وإقامة معسكرات تدريبية متنوعة تحتاج للكثير من الجهد والمال، وبالعامية مثل ما نقول بنظام (القطّة) تم شراء باص للفريق ودفع مكافآت للاعبين على مدى سنتين والكثير من الجهود التي قاموا بها لا يمكن اختزالها في سطور، ولكن من أهم تلك الجهود التي بُذلت هي تعزيز الثقة في نفوس اللاعبين والمدربين، وهذا يعكس تأثير النادي على احتواء وتطوير المواهب الشابة. اليوم هم بحاجة للدعم أكثر من أي وقت مضى وخصوصاً دعم الشركات ورواد الأعمال والجهات الحكومية فمثلاً هم بحاجة لمنشأة رياضية تخدم ناديهم ونادي التسامح الذي ينافس أيضاً في عدة درجات هو الآخر يمتلك عدة مواهب بحاجة ماسة إلى دعم ورعاية واهتمام. لك أن تتخيل عزيزي القارئ أنه لا يوجد ملعب رسمي في محافظة القنفذة على غرار بقية المحافظات خصوصاً التي تمتلك فرقا مسجلة رسمياً في الاتحاد السعودي لكرة القدم! يوجد استاد رياضي متهالك خاص بوزارة التعليم عمره أكثر من أربعين عاماً، وتقام عليه مباريات التسامح ومجد القنفذة على استحياء لسوء أرضيته وإنارته وكذلك عدم صلاحية مرافقه للاستخدام. ومضة بعد صعود مجد القنفذة للممتاز وفرحة الأهالي بهذا المنجز تفاءل الجميع بالخير، وبأنه بعون الله سيكون هنالك التفاتة حانية من لدن الأمير عبدالعزيز بن تركي الفيصل وزير الرياضة -رعاه الله- وجميع المسؤولين الأعزاء لدعم أبناء الوطن كما هي عادتهم، خصوصاً أن محافظة القنفذة ينقصها الكثير مثل منشأة رياضية حديثة تخدم جميع أبناء الوطن ولا سيما وأن القنفذة تمتلك مواهب واعدة سوف تخدم المنتخبات الوطنية ليس فقط في كرة القدم وإنما في عدة رياضات مختلفة.