×
محافظة الأحساء

في جنوب الظهران أقدم مدينة

صورة الخبر

بالطبع كيف يمكن لمدينة عصرية أن تكون من الأقدم بالجزيرة العربية بمنطقتنا الشرقية ولا تزال مأهولة بالسكان؟ وهو ذاك ما أثبته العلماء. ففي جنوب الظهران وجد العلماء آثارا تعود الى آلاف السنين تمثل الحضارات الأولى القديمة. وبالطبع كان لأرامكو دور في اكتشاف ذلك بأسباب نشاطهم الصناعي والمدني بالظهران من حيث اكتشاف أول آبار النفط المنتجة بالمملكة فيها ومن وضع مكاتب لإدارتهم وسكن لموظفيها بالقرب من آبار النفط المكتشفة. وقد جاء أول كشف عن ظهران العصور القديمة عام 1940م لباحث أمريكي، «بيتر ب. كورنوال» حيث أوضح اكتشافه في مقال نشره بالمجلة الجغرافية الأمريكية عام 1946م تحدث فيه عن آثار الأحساء. ومما ذكر في مقاله أن عد منطقة مدافن الظهران أهم موقع أثري بالمنطقة الشرقية. ومما عاين وشاهد آثارا لبناء حجري مدور كبير حواليه آلاف المدافن من النمط العائد الى العصر البرونزي «3300 إلى 1200 قبل الميلاد». ومما ذكر في مقاله أن كان أصحاب هذه المدافن يعرفون بالدلمونين المتصلين تجارة مع السومريين والآشوريين في بلاد الرافدين. وتتابعت لاحقا على الموقع عمليات الاستكشاف والمسح الأثري والتي جاءت بمعلومات أكثر عن الموقع بجهود قامت بها الإدارة العامة للآثار والمتاحف عن طريق المسح والتنقيب في هذه المدافن. ففي عام 1977م قامت الإدارة العامة بعمل أول مسح أثري للمنطقة الشرقية ومن ضمن المواقع الأثرية التي تم مسحها جنوب الظهران والذي نتج عنه تقرير متخصص. وفي عام 1983م قامت أيضا الإدارة العامة بمشروع إنقاذي للكشف عن تلك المدافن بأسباب التوسع بالبناء والطريق الانشائي الذي شطر المنطقة وقسمتها بثلاث مناطق: شرق الطريق الإنشائي الرئيسي. المدافن المتبقية غرب الطريق الإنشائي، ومنطقة التلال الاستيطاني. ومن ثم القيام بأربعة مواسم تنقيب من فريق علمي بمتحف الدمام الإقليمي التابع للإدارة العامة للآثار بين عامي 1983 – 1986م. نتج عن هذه المواسم من الأعمال الأثرية عدد من التقارير العلمية المنشورة. وقدرت مساحة الموقع جنوب الظهران بأكثر من مليون متر مربع جاء فيه أكثر من 900 تل أثرى مما جعله من أكبر وأهم موقع تاريخي أثري مكتشف بالمنطقة الشرقية. ومما عثرت عليه الفرق العلمية كميات كبيرة من الفخار الدلموني الذي يتشابه مع ما وجد بالبحرين حيث يعودا إلى ذات الفترة الزمنية. وكذلك أختام متنوعة وجد عليها نقوش مختلفة من نباتات بحرية وأسماك وحيوانات خرافية وطيور. كما وجدت البعثات الأثرية على قشور لبيض النعام استخدمت كأواني للماء وغيرها من المعثورات الكثيرة. كما وجد في هذه المدافن هياكل عظمية بوضع القرفصاء في وسط قبور مشيدة بها بعض الحوائج من أوانِ وحلي وخلافها. كما أوضحت نتائج هذه المكتشفات مدى الرابط واتساع الحضارة الدلمونية بين أجزاء الخليج العربي حيث أظهرت المرفقات الجنائزية واللقى الأثرية التي وجدت في المدافن بجنوب الظهران ما يماثلها بالبحرين والإمارات العربية المتحدة في جزيرة ام النار. ويعتقد بعض الباحثين بما وجد من آثار بالمقارنة بمثيلاتها بالخليج، أن ما عثر عليه بالظهران وخاصة بتنوع المدافن واتساع المنطقة السكنية أن ربما كانت عاصمة ديلمون التاريخية بالخليج العربي برغم وجود بالبحرين على آلاف المدافن المشابهة وعدد من المعابد. وكوننا بالمنطقة الشرقية من هذا البلد الطيب يهمنا ما فيه من آثار ومن الحفاظ عليها ونعتز بوجوده بيننا. ومما يهم الباحثين وضع المدينة التاريخية الأثرية بالظهران ومدافنها ومكتشفاتها على قائمة الدراسات الأثرية المتنوعة، وتطوير الموقع سياحيا بوضعه من ضمن الخطط العامة المستقبلية متى ما سمح التخطيط العمراني المستقبلي، لا سيما أن الظهران الحديثة هي عاصمة الصناعة البترولية والطاقة العالمية بما تديره وتشرف عليه من مشاريع متعددة، كما كانت بالقديم مركزا إداريا وعاصمة لحضارة.