يرحل الكبار لكن تبقى سيرتهم العطرة ومعدنهم النقي وتجربتهم الثرية وجودهم وكرمهم.. نبراساً للأجيال، يرحل الجسد الطاهر وتبقى النفس الزكية وتاريخها المشرف.. والفقيد صالح بن ناصر الخليوي أحدهم. ولد الفقيد صالح في الرس ونشأ فيها وتربى بكنف والده ناصر مزيد الخليوي (رحمه الله)، وكسب التربية الحسنة والقيم الاجتماعية وحسن المعاملة للغير كما تأثر بقرب خاله عبد الله الحميد. ولما اشتد عوده رغب في البحث عن الرزق فكانت وجهته حفر الباطن بحدود عام 1370هـ، وهناك بدأ تاجراً صغيراً يبيع المواد الغذائية التي يستوردها من الشام ثم أضاف نشاط الكماليات والأجهزة.. ليفتتح ثلاجة غذائية وكان يحمل شعاراً تجارياً مميزاً (كن سمحاً إذا بعت سمحاً إذا اشتريت) وبارك الله في هذه السماحة.. ليتجه إلى بناء أول فندق في الحفر (فندق الخليوي).. الذي كان انطلاقته إلى تأسيس شركة تضامنية مع بعض أبنائه الكرام حاملة اسم (شركة بودل) للفندقة والشقق المفروشة والمنتجعات. وطريقه التجاري لم يكن مفروشاً بالورود لكنه - رحمه الله - تسلح بالإيمان والإصرار والكفاح والصبر والصدق بالمعاملة مع التوكل على الله والتفاؤل الإيجابي، وعمل الأسباب من الاستعانة بالخبرات والمستشارين وبعد النظر في الوجهة التجارية لتمتد فروع الشركة في أرجاء الوطن.. وقبل هذا الاستثمار في أبنائه البررة أهل الوفاء مع والدهم وخير سند له. عرف الشيخ صالح أن نعمة المال لها حقوق وهي ما يساهم في بركته.. وهذا انعكس على حبه للخير ومد يد العون للكثير من فئات المجتمع ودعم الجمعيات الخيرية ومدارس تحفيظ القرآن.. والأخذ بيد الشباب السعودي ودعمهم وتوظيفهم وإكسابهم الخبرات من خلال قطاعاته التجارية وكان كريماً مع جيرانه ومحيطه الاجتماعي. لكل أجل كتاب ففي يوم الأحد 8/ 10/ 1446هـ فاضت الروح إلى بارئها في كتاب لا يتقدم ولا يتأخر وبرحيله فقد قطاع الأعمال تاجراً قدم الكثير بروح الوطنية.. رحل صالح وسط ألسن تلهج بالدعاء وعيون دمعت وقلوب حزنت، رحل بعد أن منحنا دروساً وعِبراً في رحلة الحياة، لتتم الصلاة عليه في جامع المهيني ويوارى الثرى بمقبرة الشمال بالرياض. رحم الله (الشيخ صالح) وأسكنه فسيح جناته وغفر له وثبته على القول الثابت.. اللهم اغسله بالماء والثلج والبرد ونقه من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم جازه بالحسنات إحساناً وبالسيئات عفواً وغفراناً وأحسن عزاء أهله وأبنائه وبناته وأحفاده وأسرة الخليوي الكريمة بالوطن الغالي وجبر مصابهم وعظم أجرهم وألهمهم الصبر والسلوان بفقيدهم الغالي. {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.