×
محافظة حائل

مناحل النحال فهد القنون (الحدث والحديث) - أ.د.عثمان بن صالح العامر

صورة الخبر

في الأول من شهر مارس سنة 2022 كتبت في هذه الزاوية عن الأستاذ النحَّال: فهد القنون، مقالاً عنونته بـ(فهد القنون.. قصة نجاح تروى وتلهم) ذكرت في مطلعه شهادة المختصين في الجامعات السعودية بأن أفضل عسل على الإطلاق هو (عسل الطلح الحائلي)، وهذا مثبت في دراسات علمية عربية وأجنبية محكمة. وساقني هذا الإثبات العلمي الذي حق لكل قاطني الجبلين الفخر به، الإشارة -في ثنايا ما كتبت- إلى ما ثبت واقعاً من خلال الوجه الحائلي المعروف بدماثة خلقه، وحسن تعامله، ونقاء سريرته -نحسبه كذلك ولا نزكي على الله أحداً- سعادة الأستاذ النحَّال (فهد القنون) الذي صار -ما شاء الله تبارك الله- يحصد الجوائز، وينال الأوسمة، وينافس على العالمية في منتجه المتميز (عسل طلح حائل)، ويشارك في معارض محلية وخليجية، ويُدعى من جهات علمية وأكاديمية ليحكي تجربته الشخصية في إنتاج العسل، ويروي بنفسه قصة نجاحه منذ البداية وصولاً للقمة، من أجل أن يكون ما يقوله نبراساً ومثالاً لكل من كان جاداً ويفكر في إعلان ميلاد مشروعه الاستثماري الذي يريد له أن يتميز ويختلف عمَّا في السوق. ما أعرفه شخصياً من أن خلف هذا المنجز الوطني الرائع: جهد دائم، وعمل دؤوب، ومتابعة لصيقة، وقبل هذا وذاك شغف وعشق. فالطريق للوصول إلى منصات التتويج، وهذه الشهرة لهذا المنتج النوعي المتميز لم يكن مزروعاً بالورد والرياحين، سهلاً ميسراً -كما قد يظن البعض- بل كان القنون وما زال يبيت الليالي الطوال عند مناحله، ويتنقَّل بها من مكان لآخر داخل منطقة حائل وخارجها، يرقب الطقس، ويتعرَّف على التضاريس، والمناخ، ويدرس الاتجاهات، ويميز بين أنواع النباتات، ويحرص كل الحرص على ألا تكون خلاياه قريبة من القرى والهجر، أو في معاطن الإبل ومراعي الأغنام، أو عند طلح القيلات والمتنزهات، أو حتى بجوار مناحل الآخرين وصناديقهم، ومع ذلك فقد مر به مضايقات، ومنغصات، ومعوقات، وتحديات، فصابر وصبر من أجل أن يكون اسمه بصمة تلتصق على الشفاه، وينطق بها اللسان الذي تذوَّق عسله يوماً ما. ولذا لا عجب أن يستنكر (المجتمع الحائلي) الذي عرف هذا الرجل، وتعامل معه، وربما اشترى من منتجه، ما حدث نهاية الأسبوع الماضي من إحراق خلاياه المليئة بالعسل، وقتل للنحل، حيث تُكلم عن هذه الواقعة في منصات التواصل الاجتماعي، وكانت هي حديث المجالس والشبات إبان الأيام القليلة الماضية، وتوالت الاتصالات على (أبي عمر) من أرجاء الوطن ودول مجلس التعاون الخليجي مواسية ومستنكرة هذا الفعل الذي لا يمت للسجايا والقيم المجتمعية المعروفة والمتوارثة في هذه المنطقة بصلة. إن مشروع فهد القنون مشروع وطني ناجح، وجهد شخصي مقدَّر، وعمل إبداعي بامتياز، وحق الناجحين أياً كان المجال الإنتاجي الخير الذي أبدعوا فيه وبزوا غيرهم، وتميزوا عنهم، الوقوف معهم، ودعمهم، وتشجيعهم، والدعاء لهم في ظهر الغيب بالتوفيق الدائم والرزق الحلال. وهذا ما يأمر به الرب سبحانه وتعالى، وهو ما ينشده وينتظره منا ولاة أمرنا -حفظهم الله ورعاهم- وفي نفس الوقت هذا ما يتوافق مع رؤية المملكة 2030 التي تؤكد على أن نكون جميعاً منتظمين في مضمار التنمية الوطنية المستدامة كل حسب قدراته وبناءً على ميوله ورغباته، حتى نكون وطناً منجزاً فاعلاً متنوعة فيه مصادر الدخل، وفَّق الرب سبحانه وتعالى كل وطني مخلص استطاع أن يضع بصمة في جبين الوطن الغالي (المملكة العربية السعودية)، ودمت عزيزاً يا وطني، وإلى لقاء، والسلام.