يمكننا اليوم القول إن التأشيرة السياحية الخليجية تشكل خطوة استراتيجية نحو ترابط أوثق بين دول الخليج العربي، وذلك في ظل المتغيرات الإقليمية والعالمية، حيث تسعى دول مجلس التعاون الخليجي إلى تعزيز تكاملها في مختلف المجالات، ومن أبرز المبادرات التي تجسد هذا التوجه هو مشروع التأشيرة السياحية الخليجية الموحدة، الذي يهدف إلى تسهيل حركة السياح بين دول المجلس وتقديم تجربة موحدة وجاذبة للزوار من مختلف أنحاء العالم. وضمن اللقاء للمشاركين في الاجتماع التاسع والثلاثين للمديرين العامين للجوازات بدول المجلس، الذي عقد مؤخراً بمقر الأمانة العامة في الرياض؛ للاطلاع على آخر المستجدات باجتماعات اللجان الفنية المعنية بهذا الصدد. ومن ناحية أخرى فإنه يمكن القول إن هذه المبادرة تُعد خطوة استراتيجية تعزز الترابط السياسي والاقتصادي والاجتماعي بين دول الخليج، فهي لا تقتصر على الفوائد السياحية فحسب، بل تفتح آفاقاً جديدة للتكامل في قطاعات النقل، الضيافة، الأمن، والاستثمار المشترك. فمن خلال التأشيرة الموحدة، سيتمكن السائح من زيارة أكثر من دولة خليجية بتأشيرة واحدة، على غرار تجربة «شنغن» الأوروبية، ما يعزز من جاذبية المنطقة كوجهة سياحية متكاملة اقتصادياً، ستؤدي هذه التأشيرة إلى تنشيط حركة السياحة، وزيادة الإنفاق السياحي، وتوفير فرص عمل في قطاعات متعددة، إلى جانب تحفيز الاستثمارات في البنى التحتية السياحية والمطارات والفنادق. كما ستساعد على تعزيز دور القطاع الخاص في تنمية القطاع السياحي، الذي يعد من أولويات رؤية الخليج المستقبلية، وخاصة ضمن رؤية السعودية 2030، ورؤية الإمارات 2071، وباقي الرؤى في دول الخليج الأخرى اجتماعياً وثقافياً، تساهم التأشيرة الموحدة في تقريب الشعوب الخليجية من بعضها البعض، من خلال تعزيز السياحة الداخلية واكتشاف الثقافات والتقاليد المحلية الغنية والمتنوعة داخل كل دولة خليجية، وهي بذلك تدعم الهوية الخليجية المشتركة، وتشجع على مزيد من التفاهم والتلاحم بين المواطنين والمقيمين في دول المجلس. أما على الصعيد السياسي فهي تعكس مستوى عالياً من التنسيق والتفاهم بين القيادات الخليجية، ما يعزز صورة مجلس التعاون ككتلة موحدة أمام العالم، ويعطي مؤشراً على نضج العلاقات البينية واستعدادها للانتقال إلى مراحل أكثر تكاملاً وفاعلية. في المحصلة، فإن التأشيرة السياحية الخليجية ليست مجرد إجراء إداري، بل هي رسالة وحدة وتكامل، تؤكد أن دول الخليج العربي ماضية نحو بناء مستقبل مشترك يقوم على الانفتاح، التعاون، والتنمية المستدامة، بما يعزز من مكانة المنطقة إقليمياً وعالمياً.