حين تصفحت المواقع الإلكترونية ومنصات التواصل الاجتماعي منذ أيام، اكتشفت حقيقة خطيرة لم تكن واضحة لي من قبل، بل كما جهلتها أنا، فقد جهلها الكثيرون من قبلي من بعد مناقشتهم بشأنها. في البداية، لاحظت أن أي موضوع لدينا يُطرح على الشارع العام ليصبح (ترند)، أي بمعنى آخر نزعة سائدة وموجة عامة ضد توجّه الرأي العام للشارع، فهو يتم تبنّيه من عدد من الشخصيات التي أصبحت مألوفة لدى الشارع، وعادة ما تكون ضد الرأي العام والمصالح المرتبطة بالمواطنين والطبقات الشعبية. وفي الواقع تكون هذه التوجهات قد تم تبنيها من عدد من الحسابات الإلكترونية التي من بعد حصرها يكون عددها بين خمسة وعشرة حسابات، لتشكّل رأياً عاماً مضاداً وموجة عارمة تجذب الناس بشكل (وهمي) لخلق زوبعة في فنجان، وليس حتى فنجاناً كبيراً، بل متناهي الصغر. هذه المشكلة تترعرع في حاضنة شعبية ينقصها وعي مجتمعي إلى أعلى مستوى وحدّ، بحيث يتلقى المتابع الخبر، ويستطيع أن يزن المسألة من كل جوانبها، ويفكر بالسبب والمسبب، ولا يلقي اللوم على طرف دون آخر البتّة. وأتوقف هنا لأضرب بعض الأمثلة التي أستطيع من خلالها أن أوضح الأمر أكثر، فأنا في نهاية المطاف أكتب هذا المقال وأنا عارف وفاهم المغزى منه، ولكنه وجب عليّ أن أوضح المسألة أكثر للقارئ الكريم. فقد خرجت علينا موجة أخيراً في الكويت بأنه وبسبب إجازات السياقة/ رخصة قيادة (الليسن) المخصص لغير الكويتيين، فإننا نعاني ازدحامات مرورية وضيقاً في المكان وندرة في أماكن ركن السيارات بالمرافق العامة والجهات الحكومية. وعليه، نجد تلك الحسابات التي أشرت إليها مسبقاً قد بدأت موجه عارمة من التحريض على الوافدين، والمطالبة بإيجاد تصرّف يحرمهم من إمكانية الحصول على رخصة قيادة سيارة في الكويت. ولا أقول إن السلطة التنفيذية تستجيب لأمر كهذا أو غيره، لكنني أتحدث هنا عن الوعي المجتمعي تحديداً، فبدلاً من التفكير والتريث والعمل على تطوير الفكر الذاتي قليلاً ليتمهل الفرد ويعرف أن الوافد قد أتى بعقد عمل، ومن حقه ممارسة حياته بشكل طبيعي، وأنه من الواجب على السلطات أن تعمل على توفير مرافق عمومية وشوارع تستوعب الأعداد الموجودة بشكل تام، لتتناسب مع حجم رواد الشوارع، يتمّ صب جام الغضب على الحلقة الأضعف، وهي الوافد. هذا مثال يُضرب ولا يُقاس عليه، أي للإيضاح فقط لا غير، والأغرب أن تجد فئات عمرية بعينها تناصر فكراً كهذا بالمجتمع. وهذا الفكر ذاته يترعرع في حاضنة شعبية مع رفع رسوم القضاء، مثلاً، دون الأخذ في الاعتبار القدرة المالية للطبقات الشعبية، وهكذا دواليك. الحل هنا يكمن في رفع الوعي المجتمعي من خلال النشطاء وأصحاب الفكر النيّر، والله كريم، وهو المستعان. على الهامش: راعي العين (الضيجة) مو شرط انه يكون «فقير وكحيان»! هامش أخير: صرحت وزارة الكهرباء الثلاثاء قبل الماضي الموافق 7 يوليو 2025 بأنها لا تتنبأ بانقطاعات على مدى السنوات الثلاث القادمة... فلنحفظ هذا التصريح ونتذكره جميعاً.