لقرون طويلة، أتقن المزارعون السعوديون أصول زراعة القهوة السعودية. فهي جزء من التاريخ الثقافي الوطني، ويتطلب حصاد حبوب البن دقةً واهتماماً عالياً من أجل الحفاظ على الأغصان للتمكن البذور من الإنبات من جديد. نحن في المملكة العربية السعودية نفتخر بالتراث الغني والأهمية الثقافية لزراعة البن. تلك الثقافة المتجذرة في المنطقة الجنوبية من المملكة العربية السعودية. هذه المنطقة الفريدة، التي يمرّ فيها حزام القهوة، تشمل التلال والوديان الخضراء التي تغذي حبوب القهوة الاستثنائية. في منطقة الباحة جنوب المملكة العربية السعودية، يوجد واحد من أغلى وأجود أنواع البن على مستوى العالم وهو البن الشدوي الذي يزرع في جبل شدا الأعلى والأسفل ويعود تاريخ هذه المنطقة إلى ما يقارب 7500 مليون سنة من التكوين الجيولوجي مما يجعلها بيئة طبيعية نادرة لزراعة البن، ويعتبر البن الشدوي من الأصناف الأصيلة في المملكة ويُعرف بجودته العالية وسعره المرتفع، حيث يصل سعر الكيلو منه إلى نحو 2000 ريال سعودي، ويصل عدد المزارع في المنطقة إلى أكثر من 20 مزرعة، تحتوي على ما يتراوح بين 12 ألفًا إلى 18 ألف شجرة، إضافة إلى 54 ألف شتلة تنتج ما يقارب 12 طنًا سنويًا، وفي إطار الاهتمام بزراعة البن تم إنشاء مدينة البن في محافظة قلوة بمنطقة الباحة، حيث تمت زراعة أكثر من 300 ألف شجرة لتعزيز إنتاج هذا المحصول الفريد، ويعمل في هذه المزارع عدد من المزارعين المهرة الذين يهتمون بكل مرحلة من مراحل الزراعة والحصاد لضمان جودة البن ونكهته الفريدة. ويمتاز البن الشدوي بطعمه الاستثنائي وينمو على أشجار معمّرة قد يصل عمرها إلى 150 ألف عام ويتميز بمقاومته للظروف المناخية والجفاف نسبيًا، كما أن التربة البركانية الغنية بالمعادن في المنطقة توفر له غذاءً متكاملًا يعزز نكهته وجودته، وتحتاج الشتلات إلى رعاية خاصة في السنة الأولى لضمان تثبيت الجذور ونموها الصحيح ويُستخدم الري بالتنقيط أو المياه الجوفية لتوفير الرطوبة اللازمة ويتم تقليم الأشجار بعناية لإزالة الفروع التالفة وتحفيز نمو الفروع المثمرة ويُراقب البن لضمان مقاومته للآفات والأمراض باستخدام أساليب طبيعية وصديقة للبيئة ويتم تسميد الأرض بمواد عضوية لتعزيز من خصوبة التربة وعند نضوج الحبوب يتحول لونها إلى الأحمر وبعد الحصاد تُجفف تحت أشعة الشمس لمدة 3 أيام ثم تُجمع وتُترك في المنازل ليومين قبل أن تُعاد إلى الأسطح لمدة 5 أيام إضافية لتصبح جاهزة للتحميص والاستخدام، وهذه المراحل الدقيقة تمنح البن الشدوي مذاقًا غنيًا وجودة استثنائية تستحق ثمنه. إن البن الشدوي ليس مجرد محصول، بل إرث حضاري يعكس أصالتنا وعمق تاريخ المملكة الزراعي، وما تقوم به منطقة الباحة اليوم من تطوير مزارعه وتوسيع إنتاجه هو امتداد لقيمة هذا الكنز الثمين الذي يروي حكاية الأرض والإنسان معًا، ويجعل تجربة تذوقه لحظة فريدة لكل من يتذوق هذا المنتج المميز. noufm1506@gmail.com