×
محافظة الرياض

إصلاحات جوهرية.. تستهدف سوق العقار

صورة الخبر

يمثِّل القطاع العقاريُّ في السعوديَّة أهميَّة كُبْرى، إذ يُعتبر إحدى الركائز الأساسيَّة في تنمية وتطوير الاقتصاد الوطنيِّ، حيث يسهم في تحقيق أبرز مستهدَفات رُؤية 2030، وهي تنويع مصادر الدخل، إضافةً إلى دوره في زيادة الناتج المحليِّ الإجماليِّ، وذلك من خلال المشروعات السكنيَّة والتجاريَّة والسياحيَّة الضخمة التي يجري تنفيذها حاليًّا. وتتمثَّل أهميَّة القطاع العقاريِّ في قدرته الفائقة على توفير فرص عمل متنوِّعة، وجذب الاستثمارات المحليَّة والدوليَّة، وتعزيز البنية التحتيَّة، وتحسين جودة الحياة، وهو ما يُوفِّر أصولًا آمنة للاستثمار. لكنَّ المتأمِّل لواقع هذا القطاع الحيويِّ، خلال السنوات الماضية، يلحظ وجود العديد من الممارسات السالبة التي شابت أداءه، وقلَّلت من المكاسب التي كان يُفترض أنْ تتحقَّق منه، مثل الممارسات الاحتكاريَّة وغياب المنافسة والمضاربات، التي أفرزت العديد من الظواهر غير الحميدة. فقد شهد سوق العقار حالةً من الندرة المصطنعة، حيث عمد بعض المستثمرين إلى احتكار الأراضي، وإبطاء ضخ المعروض في السوق؛ ما قاد بدوره إلى تضخُّم غير مبرَر في الأسعار، انعكس على الاقتصاد والمجتمع. وانعكست هذه الممارسات الاحتكاريَّة بشكلٍ رئيسٍ على فئة الشباب، الذين باتت أمنية امتلاكهم منزلًا خاصًّا حلمًا بعيد المنال، وهو ما يحمل تداعيات سالبة في المستقبل، مثل العزوف عن الزَّواج، وارتفاع مستوى العنوسة، وغير ذلك ممَّا يُهدِّد النسيج الاجتماعي بشكل عام. ولمعرفة الزيادة الهائلة في أسعار الأراضي السكنيَّة، تكفي الإشارة إلى أنَّ متوسط سعر المتر للأراضي في الرياض مثلًا كان يبلغ 670 ريالًا في 2010، قبل أنْ يتجاوز 5,040 ريالًا في 2024، ما يعني ارتفاع متوسط سعر المتر لأكثر من 650% في أقل من 14 سنة، وهي نسبة هائلة من شأنها أنْ تُهدِّد كل خطوات التطوير التي تتَّخذها الحكومة. فوجود أراضٍ شاغرة في وسط المدن، تدفع السكَّان للنزوح نحو أطرافها، وهو ما يستلزم سفلتة المزيد من الشوارع، ومد خطوط الكهرباء، والمياه، والهاتف، وغير ذلك من المنصرفات الأُخرى، التي كان يمكن توجيهها نحو مشروعات خدميَّة أُخرى. لذلك بادرت القيادة الحكيمة إلى اتخاذ العديد من الإجراءات، مثل قانون رسوم الأراضي البيضاء، التي هدفت بالأساس إلى منع احتكار الأراضي، بواسطة الشركات العقاريَّة الكُبْرى، أو الأفراد؛ لأنَّ عدم طرح هذه الأراضي في السوق، وعدم تطويرها يتسبَّب في غياب التوازن بين العرض والطلب، وهو ما يؤدِّي إلى ندرة الوحدات السكنيَّة المطلوبة لاستيعاب الزيادة في عدد السكَّان، وبالتالي ارتفاع الأسعار بصورةٍ تُضعف القدرة على جذب رؤوس الأموال الأجنبيَّة. وخلال الأيام القليلة الماضية، صدر قرار بوقف الزيادة في الإيجارات في الرياض لمدَّة خمس سنوات، وذلك لمنع ملَّاك العقارات من استغلال حاجة المستأجِرِين، وهو ما شكَّل عبئًا كبيرًا على المواطنين، ورجال الأعمال الذين تأثَّروا بشدة بالزيادات المتواصلة في قيمة الإيجارات، التي وصلت إلى درجةٍ أثرت على أعمالهم، وهدَّدت قدرتهم على الاستمراريَّة. هذه الإجراءات -وإنْ كانت في الفترة الحاليَّة قد اقتصرت على العاصمة الرياض- فإنَّها بالتأكيد سوف يتم تعميمها على بقية مناطق ومدن المملكة، إذا دعت الحاجة لذلك مستقبلًا، حسب تأكيدات الجهات المختصَّة، وذلك لضمان وجود مناخ من العدالة والشفافيَّة. ويكمنُ الحرصُ السعوديُّ على معالجة التشوُّهات التي عانى منها سوق العقار؛ في حرص القيادة على ضمان مصالح جميع الأطراف، إضافةً إلى زيادة جاذبيَّة العاصمة الرياض وبقية مدن ومناطق المملكة لاستقطاب الاستثمار الأجنبي المباشر، حيث لا يمكن التضحية بكل هذه المكاسب في سبيل تحقيق مصالح خاصة لشريحةٍ معينة من تجار وشركات العقار. ومنذ صدور قانون رسوم الأراضي البيضاء المعدل في 29 أبريل 2025، تحققت العديد من المكاسب حتى قبل بدء سريان القانون في الأول من يناير المقبل، حيث زاد المعروض من الأراضي للتطوير والبناء، وهو ما يعني انخفاض أسعار الوحدات السكنيَّة، وهو ما يؤكد بُعد نظر القيادة الرشيدة، وحرصها على مصالح المواطنين، وفي نفس الوقت إتاحة الفرصة أمام المزيد من الازدهار الاقتصادي.