×
محافظة الخبر

منصة «X» بين اتساع التأثير وتزايد الحاجة إلى الوعي الرقمي

صورة الخبر

في عالمٍ تتدفق فيه المعلومات بلا توقف، وتتشابك فيه الآراء والاتجاهات مع كل ضغطة زر، أصبحت منصات التواصل الاجتماعي عنصرًا رئيسيًا في تشكيل الفكر العام. وتبرز منصة - «X» التي كانت تُعرف سابقًا باسم تويتر - كواحدة من أكثر المنصات تأثيرًا وحساسية، نظرًا لطبيعتها السريعة وقدرتها على نقل الخبر في لحظته، والتستر خلف معرفات وهمية تنفث سمومها من نطاقات جغرافية متباعدة لتعالج شؤون داخلية واقتصادية وثقافية لنطاقات جغرافية أخرى تارة، وافتعال أزمات وقلاقل وفتن تارة أخرى. ومع كل هذا الزخم وفي ظل انكشاف الأقنعة تزداد الحاجة اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى تعزيز الوعي الرقمي لدى المستخدمين والمستخدمات وخصوصاً صغار السن منهم، لضمان استخدام آمن وواعي ومسؤول لهذه المنصة الواسعة التأثير. ومنذ تأسيس منصة «X» لعبت دورًا محوريًا في نقل الأحداث ورصد الوقائع من مصادرها الأولى، والانتقال من فضاء للتغريدات إلى صناعة وتشكيل الرأي العام تجاه القضايا الاجتماعية والثقافية والفكرية والسياسية، حيث أصبحت فضاءً للمؤثرين، ومسرحاً للحوار والنقاش الفكري، ومنصة لعرض العقول والأفكار والتوجهات، ووسيلة للجهات الحكومية والإعلامية للوصول إلى الجمهور خصوصاً في التطور التقني للمنصة وتنوع أدواتها لتتيح مساحة أكبر للمحتوى المرئي والصوتي، مما جعلها أكثر قدرة على التأثير من أي وقت مضى. وفي المقابل وفي ظل هذا الزخم الإعلامي المذهل للمنصة إلا أنها أصبحت مسرحًا لانتشار الشائعات والمعلومات المضللة، خاصة في أوقات الأزمات، حيث تختلط الحقائق بالتفسيرات الشخصية، وتتحول الأخبار غير الدقيقة إلى قضايا رأي عام خلال دقائق قليلة. وهنا يظهر التحدي الأكبر: كيف يمكن للمستخدم أن يحافظ على وعيه وسط هذا الضجيج المعلوماتي المتسارع؟ ولذا، تبرز أهمية العناية بصناعة الوعي الرقمي لكونه ضرورة لحماية الفرد والمجتمع ، حيث لم يعد مهارة إضافية، بل أصبح متطلبًا رئيسيًا لاستخدام منصات التواصل، خصوصًا منصة سريعة التأثير مثل «X». ويشمل الوعي الرقمي عدة ممارسات تساعد المستخدم على التمييز بين الصحيح والمزيف، والتعامل مع المعلومات بحرفية ومسؤولية. ويتأكد الوعي الرقمي من التحقق وفحص المعلومات قبل مشاركتها لاسيما أن السرعة تمثل أبرز مميزات منصة «X» كما أنها أكبر نقاط الضعف. فالمعلومات الخاطئة قد تنتشر بسرعة تفوق قدرة المؤسسات الرسمية على تصحيحها. لذلك، يُعد التحقق من المصدر خطوة أساسية، سواء عبر متابعة الحسابات الموثقة، أو مقارنة الأخبار مع مصادر إعلامية ذات مصداقية. وتبرز أهمية فهم آلية الخوارزميات وتأثيرها على المحتوى حيث تقوم بترتيب المحتوى الذي يظهر للمستخدم بناءً على اهتماماته وتفاعلاته السابقة، وهو ما يخلق ما يُعرف بفقاعة المعلومات. إدراك هذا التأثير يعزز قدرة الفرد على الخروج من دائرة التأثير الضيقة، وتوسيع مصادر معرفته ونظرته للعالم. وتعد حماية الخصوصية والأمن الرقمي من الركائز المهمة في صناعة الوعي الرقمي، حيث تُعد البيانات الرقمية هي الثروة الجديدة في العالم المعاصر. فالمستخدم يشارك يوميًا معلومات قد تبدو بسيطة، لكنها قد تُستغل في أغراض تجارية أو تحليلية أو حتى أمنية. لذلك، يبقى الوعي بإعدادات الخصوصية، وتفعيل التحقق الثنائي، والحد من المعلومات الحساسة المنشورة، جزءًا أساسيًا من الوعي الرقمي المطلوب. وتعظم الحاجة إلى مواجهة التنمر الرقمي وخطاب الكراهية، فعلى الرغم القوانين والضوابط، يظل التنمر الرقمي ظاهرة متنامية، خصوصًا بين الشباب. وتوفر «X» مجالًا واسعًا للتواصل لكن في الوقت نفسه قد يتحول إلى مساحة للتهجم والتهديد والسخرية. وهنا يأتي دور الوعي في تعزيز ثقافة الاحترام، والإبلاغ عن الحسابات المسيئة، والحفاظ على بيئة رقمية صحية. في ظل انتشار المعلومات المضللة وخطورتها حيث تشير الدراسات إلى أن الأخبار الكاذبة تنتشر عبر منصات التواصل أسرع بثلاثة أضعاف من الأخبار الصحيحة. وقد يؤدي ذلك إلى خلق حالة من القلق العام، أو تضليل المجتمع في قضايا حساسة، أو التأثير على القرارات الاقتصادية والسياسية. وتسعى الجهات الرسمية بالمملكة لرفع مستوى الوعي الرقمي الحقيقي من خلال إطلاق الحملات التوعوية للحد من الشائعات، والبرامج التثقيفية حول الاستخدام الآمن للإنترنت، مما يتطلب تعاون الأفراد معها للمحافظة على اللحمة الوطنية والاجتماع، ونبذ الفرقة وأسبابها. وختاماً ستظل منصة «X» نافذة فريدة للوصول إلى المعلومة، لكنها تتطلب من المستخدم وعيًا وتحليلاً ونقدًا قبل مشاركة أي محتوى. فالوعي الرقمي هو حجر الأساس لبناء فضاء رقمي آمن، وحماية المجتمع من التضليل. malwadai@kku.edu.sa