×
محافظة وادي الدواسر

فهد بن عبدالرحمن الجماهر إلى رحمة الله - مبارك بن عوض الدوسري

صورة الخبر

بقلوب يعتصرها الحزن، وعيون يثقلها الأسى، ودع ميدان التربية والتعليم في محافظة وادي الدواسر واحداً من أنبل رجاله، وأصدق رموزه، وأجمل وجوهه الإنسانية، الأستاذ فهد بن عبدالرحمن بن جماهر آل وثيلة - الرئيس السابق لقسم الإشراف التربوي - الذي وافته المنية بعد معاناة مع المرض، وصُلِّي عليه بعد صلاة المغرب يوم الأحد الموافق 18 جمادى الأولى 1447هـ في جامع مبارك عايض آل عريمة، ودفن في مقبرة الراجحي. رحل أبو عبدالرحمن، لكنه ترك خلفه إرثاً من المروءة والخلق والتواضع لا يُنسى، وسيرةً تفوح بالعطاء والابتسامة والسماحة والروح المرحة، التي كانت تسبق حديثه وتلطف مواقفه؛ عرفته الميادين التربوية قائداً رصيناً، يجمع بين الحزم واللين، وبين الجد والمرح، وبين الرؤية التربوية العميقة والإنسانية الراقية. منذ أن عُرف في الوسط التعليمي، وهو مثالٌ في سعة الصدر، وعدل القول والفعل، وحب الإنصاف، وتقدير الجهد مهما كان بسيطاً؛ كان يُشيد بالمتميزين، ويحفّز المجتهدين، ويشد على أيدي من يحتاجون الدعم بكلمة صادقة أو نظرة حانية، حتى غدا الجميع حوله يشعرون بأنهم أقرباؤه لا مرؤوسوه. أتذكره -رحمه الله- حين كان يجتمع بمديري المدارس مردداً عبارته التي أصبحت دستوراً تربوياً خالداً: عليكم بالتقدير والعطف، والحرص على الألفة والمحبة والتراحم»؛ لم تكن كلماتٍ عابرة، بل كانت منهج حياةٍ يطبّقه قبل أن ينصح به. عرفته أكثر عن قرب في الأشهر الأخيرة، حين كنت أزوره في داره بعد رحلته العلاجية الأولى بمستشفى الملك فيصل التخصصي بالرياض، فوجدته صابراً محتسباً، حامداً لله على قضائه، شاكراً لنِعَمه، لا تفارق الابتسامة وجهه رغم الألم، يثني على أطبائه، ويشيد بأبناء وبنات الوطن العاملين في المستشفى، ويدعو لولاة الأمر بخير ما دعا به عبدٌ لمليكه، شاكراً ما يُقدَّم من إمكاناتٍ عظيمةٍ لعلاج المرضى؛ كانت كلماته تفيض إيماناً ورضاً، وروحه مطمئنةً راضيةً بما قسم الله. لقد عرفه الجميع مربياً فاضلاً، وصاحب مواقف رجولية لا تُنسى في مساعدة الآخرين، وسنداً لكل محتاج، وبساطه مفروش للناس، ويده ممدودة بالعطاء، ولسانه لا ينطق إلا بالخير؛ ترك بصمةً في كل من عرفه، وحباً في قلوب زملائه وتلاميذه وأصدقائه لا يُمحى بغيابه. رحم الله الأستاذ فهد بن عبدالرحمن الجماهر، وغفر له، وجعل ما قدم في موازين حسناته، وجزاه عن تربيته وتعليمه وخدمته للناس خير الجزاء، وجعل الفردوس الأعلى مثواه، وألهم أهله ومحبيه الصبر والسلوان. سيبقى ذِكرك يا أبا عبدالرحمن نُوراً يضيء ذاكرة التعليم في وادي الدواسر، وعِطراً يخلّد إنساناً عاش كبيراً ومضى نبيلاً.