في خطوةٍ تربويَّةٍ رائدةٍ تجسِّد أهميَّة حصَّة النَّشاط في المنهج المدرسيِّ، أصدرت وزارة التَّعليم خطَّةً جديدةً؛ لتنظيم حصَّة النَّشاط الطلابيِّ، وضمَّنتها في دليل الخُطط الدراسيَّة، بحيث لا يتم الإخلال بانتظام الحصص الدراسيَّة الأساسيَّة، وأنْ تكون ضمن اليوم الدراسيِّ.. وقد أعدَّت أربعة برامج رئيسة وهي: «القيمُ، والذكاءُ الاجتماعيُّ والعاطفيُّ، والذوقُ العامُّ، والأمنُ السيبرانيُّ».. وتُنفَّذ بما لا يقل عن ساعة واحدة ضمن الزَّمن المحدَّد لليوم الدراسيِّ، وتُسند مهمَّة تنفيذها إلى المعلِّمين. وحقيقةً، تُشكر وزارة التَّعليم على الاهتمام بحصص النَّشاط؛ لدورها الكبير في تشكيل شخصيَّة الطَّالب وتوجيهه نحو السلوكيَّات الصَّحيحة، ضمن إطار تربويٍّ وأخلاقيٍّ إسلاميٍّ في زمن التحدِّيات التربويَّة جرَّاء العولمة والانفتاح التقنيِّ على المجتمعات الأُخرى، والاستلاب الحضاريِّ الذي أصبحنا نواجهه كحربٍ شرسةٍ، وإذا لم نعد العدَّة لها، سنفقد الكثير من مقوِّماتنا الحضاريَّة. ولأنَّ البرامج المطروحة تتعلَّق بالقيم، والذكاء الاجتماعيِّ والعاطفيِّ، والذوق العام والأمن السيبرانيِّ، فينبغي أنْ ترتبط ارتباطًا مباشرًا بلائحة (قواعد السلوك والمواظبة لطلبة التَّعليم العام)، والتي عُدِّلت حتَّى وصلت إلى الإصدار الخامس 1447هـ - 2025م. وبالاطِّلاع على اللائحة، تجد أنَّها تتطلَّب معلِّمًا واعيًا وقادرًا على توصيل بنودها وأهدافها للطلبة، فالسلوك المتميِّز عرَّفته اللائحة: بأنَّه هو «السلوك الذي يعكس الممارسات المتَّسقة مع القيم الإسلاميَّة والهويَّة الوطنيَّة، والتي يظهرها الطالب من خلال حُسن تصرُّفه وأخلاقه ومبادراته في المجتمع المدرسيِّ». إعلان كما شملت اللائحة أدق التفاصيل في السلوكيَّات الحسنة، وكيفيَّة تعزيزها، والسلوكيَّات السلبيَّة وكيفيَّة تجنُّبها.. بل شملت حتَّى السلوكيَّات في (التَّعليم عن بُعد) وعقوبات الغياب، أو عدم الرد في الحصص الافتراضيَّة، أو العبث على الشَّاشة، أو التنمُّر الإلكتروني.. وقد صُنِّفَت المشكلات إلى خمس درجات، حيث الدرجة الخامسة أقصى أنواع المشكلات والعقوبات، وهي حسم (خمس عشرة درجةً) من درجات السلوك والمواظبة. هذه اللائحة تحتاج إلى الكثير من التَّوضيح والتَّوعية، ليس فقط للطلاب والطالبات في المراحل التعليميَّة المختلفة، ولكن للمجتمع المدرسيِّ بأكمله، وينبغي أنْ تقدَّم من معلِّمين ومعلِّمات أكفاء، وتركِّز على موضوعات السلوك المتميِّز، مثل الولاء للقيادة والوطن، وتاريخ المملكة، أو أحد رموزها، وتعزيز التَّسامح والاحترام، ونبذ العنصريَّة، وتنمية مهارات الحوار، وغيرها من الموضوعات التي يرتقي من خلالها الطالب بسلوكه، وبذلك نقضي على السلوكيَّات الخاطئة في المجتمع. كما ينبغي أنْ تُنَاقَش (لائحة الذوق العام) في حصص النَّشاط، والتي صدرت عن هيئة الخبراء بمجلس الوزراء، قرار رقم 444 بتاريخ 4/ 8/ 1440هـ، حيث عرَّفت اللائحة الذَّوق العام بأنَّه: «مجموعة السلوكيَّات والآداب التي تعبِّر عن قِيم المجتمع وآدابه وهويَّته، بحسب الأسس والمقوِّمات المنصوص عليها في النظام الأساسي للحُكم». ولكنْ نتيجةً للعولمة، أصبح لباسُ كثيرٍ من أبنائنا في الأماكن العامَّة يتعارضُ مع قِيمِنا وأخلاقِنا.. فالمواطنُ يجب أنْ يمتلك ثقافة الاعتزاز بالدِّين، والعادات، والتقاليد، وأنْ يُوصِّل من خلالها رسائل للعالم عن قِيَمه وأخلاقِهِ الإسلاميَّة، حيث يؤم بلادنا كلَّ عام ملايين الزوَّار والسَّائحِينَ. وإنْ كان هناك ملحوظة لوزارة التَّعليم، فهي في نصِّ الخبر، وأنَّه يمكن تطبيقه «في الفسح المدرسيَّة، أو خلال فترة الصلاة».. حيث إنَّ الفسحة هي لاسترخاء الطالب، وتناول وجبة غذائيَّة مهمَّة، والترويح مع الزملاء، وغيرها ممَّا هو ممنوع في الحصص الدراسيَّة.. كما أنَّ فترة الصَّلاة مقيَّدة بوقتٍ محدَّدٍ للوضوءِ والصَّلاةِ. كلُّ التقدير لوزارة التَّعليم، على الاهتمام بالطَّالب من جميع جوانب العمليَّة التعليميَّة والتربويَّة.