×
محافظة العديد

شمس العرب.. تسطع على الغرب

صورة الخبر

المستشرقة والرحَّالة الألمانيَّة «زيغريد هونكه»، وُلِدَت في أبريل 1913م، في مدينة كيل الألمانيَّة، من عائلة ألمانيَّة ذات خلفيَّة ثقافيَّة قويَّة؛ فوالدها هو «هاينرش هونكه»، الأديب والنَّاشر الألمانيُّ الشَّهير، وزوجها هو المستشرق والدبلوماسيُّ الألمانيُّ الكبير الدكتور «بيتر شولتز»، الذي أتقن اللُّغة العربيَّة، وكان له دور في اهتمامها بالتَّاريخ، والفلسفة، والمقارنة، والأديان، وخاصَّةً في مجال الحضارة العربيَّة والإسلاميَّة؛ ممَّا وفَّر لها بيئةً ملائمةً للاهتمام بالعلوم والأدب والثقافة. أنجزت «زيغريد» العديد من الدراسات المقارنة، والكتابات التي تبرز الحضارة العربيَّة والإسلاميَّة، وتأثيرها على الحضارة الغربيَّة، مستندةً في ذلك إلى خبرتها الشخصيَّة، ودراساتها، وزوجها. كانت «زيغريد» شغوفةً بالتعرُّف على الحقائق، وتثبيتها في أذهان القرَّاء، والباحثِينَ، وهو ما دفعها إلى التنقيب والدراسة والبحث في مختلف الأديان، والفلسفات، حصلت على درجة الدكتوراة عام 1941م، في مجال الأدب والفلسفة من جامعة هومبولت في مدينة برلين. كانت تجيد اللُّغة العربيَّة، وتحمل نظرةً معتدلةً ومنصفةً للعرب والمسلمِينَ، وكانت معجبةً بالإسلام والعروبة، قامت بانتقاد الديانة المسيحيَّة في الوقت ذاته؛ ممَّا دفعها للبحث في هذا الجانب، وقامت بتصحيح الكثير من المفاهيم المغلوطة عن الحضارة الإسلاميَّة والعربيَّة فيها. وبصفتها ألمانيَّة الأصل والمولِد والتَّنشِئة، كان اهتمامها بالحضارة العربيَّة والإسلاميَّة، وتأثيرها في الحضارة الغربيَّة يُمثِّل خروجًا جريئًا على المألوف، وسعيًا صادقًا لتثبيت الحقائق التاريخيَّة. اشتهرت المستشرقة «زيغريد» بأعمالها في مجال الأديان، وخاصة الدراسات الإسلامية، من أهم أعمالها كتابها المعنون بـ»الله ليس كمثله شيء»، «الكشف عن ألف فرية وفرية عن العرب»، بيَّنت فيه عظمة الحضارة العربيَّة والإسلاميَّة، وعلمائها من العرب والمسلمين، وفضلهم على النهضة الأوروبيَّة الحديثة التي كانت غارقة في ظلام الجهل والتخلُّف. وكتابها «شمس العرب تسطع على الغرب»، الذي قالت فيه: «إنَّ الغرب يعترفُ فقط بأنَّ المسلمين حافظُوا على علوم الحضارات السابقة، وقاموا بتنظيمها، ولكن يغيب عنهم أنَّهم كانوا المؤسِّسين للعديد من العلوم التي أثرت بشكل كبير على تطوُّر العلم في شكله المعاصر، هذا أمر قلَّما يخطر على بال الأوروبيِّين، لكن المسلمِينَ كانوا هم المؤسِّسين للكيمياء، والفيزياء التطبيقيَّة، والجبر والحساب بالمفهوم المعاصر، وعلم المثلثات الكروي، وعلم طبقات الأرض، وعلم الاجتماع». تُرجم كتابها «شمس العرب تسطع على الغرب»، إلى 17 لغة، من بينها اللُّغة العربيَّة التي قامت بتقديم مقدِّمته المؤثِّرة في النسخة العربيَّة من الكتاب، استخدمت في هذا الكتاب منهج البحث العلميِّ الموضوعيِّ، والإنصاف، وتصحيح الصورة النمطيَّة السلبيَّة للعرب والمسلمِينَ في الغرب، وكذلك تسليط الضوء على بيان فضل الحضارة الإسلاميَّة والعربيَّة في أوروبا. وهنا أقتبسُ بعضًا من أشهر أقوالها عن الإسلام والعروبة: «إنَّ الإسلامَ أعظمُ ديانةٍ على ظهرِ الأرضِ سماحةً وإنصافًا، نقولُها بلا تحيُّزٍ ودونَ أنْ نسمحَ للأحكامِ الظَّالمةِ أنْ تلطِّخهُ بالسَّوادِ، وإِذا مَا نحيَّنا هذهِ المغالطاتِ التاريخيَّة الآثمةَ في حقِّه، فإنَّ علينا أنْ نتقبَّلَ هذَا الشريكَ والصديقَ، مع ضمانِ حقِّه في أنْ يكونَ كمَا هُو». كانت وفاتها في مدينة هامبورغ الألمانيَّة في 15 من شهر يونيو عام 1999م. B.assas@hotmail.com