×
محافظة حائل

حب السعوديين لقيادتهم.. قصة تُروى - عايض بن خالد المطيري

صورة الخبر

في المملكة العربية السعودية، تتجلّى علاقة نادرة واستثنائية بين القيادة والشعب؛ علاقة لا تُبنى على مصالح زائلة، ولا تُرسم بحدود بروتوكولات رسمية، بل علاقة نُسجت بخيوط الوفاء، وتوثقت بصدق المشاعر، وتعمّقت مع الزمن حتى غدت أنموذجًا فريدًا من التلاحم الوطني والولاء الصادق. منذ تأسيس الدولة السعودية الأولى على يد الإمام محمد بن سعود عام 1727م، وحتى يومنا هذا، لم تكن العلاقة بين السعوديين وولاة أمرهم علاقة حاكم بمحكوم، أو رئيس بشعب، أو انتماء حزبي، بل علاقة أخوّة ودم، جذورها ضاربة في أعماق الأرض، وفروعها تعانق السماء. فالحب الذي يربط السعوديين بقيادتهم حبٌّ متغلغل في وجدان هذا الشعب، لا يقوم على رهبة سلطة أو رهانات سياسة، بل على روابط المحبة والوفاء والانتماء الحقيقي. هذا الحب تجلّى عبر الأجيال، وتعمّق مع كل موقف، وازداد رسوخًا في كل مرحلة تاريخية شهد فيها المواطنون مواقف عظيمة لقادتهم؛ مواقف تنبض بروح الأبوة، وتفيض بتواضع الإنسان الذي يعيش همّ المواطن، ويشعر بفرحه وألمه. ومن أبلغ وأبهى صور هذا التلاحم ما شهده الوطن خلال الأسابيع الماضية، حينما فاضت دموع أمير منطقة تبوك، سمو الأمير فهد بن سلطان، وهو يزفّ الخريجين والخريجات في حفل جامعة تبوك. دموع الفرح التي سالت من عين الأب الحاني، كانت تعبيرًا صادقًا عن فرحته بفرحة أبنائه، في مشهد لم يكن رسميًا بقدر ما كان إنسانيًا خالصًا يهزّ المشاعر والوجدان. وفي مشهد آخر لا يقل صدقًا وتأثيرًا، انتثرت دموع أمير منطقة حائل، سمو الأمير عبدالعزيز بن سعد، وهو يحتضن ذوي أحد الخريجين الذين وافته المنية قبل أن يتسلم وثيقة تخرجه. موقفٌ تجاوز الرسميات، ليصبح لحظة أبوية وأخوية خالصة، تدمع لها عيون من حضرها ومن شاهدها، في مشهد مؤثر يُجسّد قمة التعاطف والإنسانية. لهذا، لم يكن السعوديون يومًا بحاجة لمن يُملي عليهم الولاء أو يُلقّنهم المحبة؛ فهذه القيم وهذه المشاعر المتبادلة؛ تسكن في قلوبهم منذ الطفولة، تُروى في المجالس، وتُغرس في السلوك، وتُترجم في المواقف، خاصة في أوقات الشدائد. لقد أثبت هذا الشعب في كل تحدٍ وحدث، أن وقوفه خلف قيادته ليس موقفًا طارئًا، بل شعورٌ متجذر، وولاءٌ متين. فعندما تشتد الأزمات، يكون ولاة الأمر أول المبادرين؛ يقودون من الميدان لا من خلف الطاولات، يضعون الوطن والمواطن في القلب، ويعطون بلا حدود. وفي المقابل، نجد الشعب درعًا منيعًا، ويدًا واحدة، وصوتًا موحدًا. فالثقة لا تحتاج إلى برهان، والوفاء لا يُطلب، بل يُعطى طواعية. وهنا تتجلى الخصوصية السعودية، القيادة ليست بعيدة عن الشعب، بل هي في قلبه؛ تتلمس همومه، وتشاركه أفراحه وأتراحه، بلا حواجز ولا تكلف. فملوك السعودية وولاة أمرها لم يبنوا بينهم وبين الناس أسوارًا، بل جسورًا من المحبة والصدق والتواضع. إن أسرة آل سعود لم تكن يومًا مجرد عائلة حاكمة، بل هي أسرة تنتمي للشعب، والشعب ينتمي إليها؛ تاريخه منها، وأمجاده ترتبط بإنجازاتها، ومواقفه النبيلة عنوان فخره الدائم. ولعل كثيرًا من شعوب العالم تتساءل: كيف يمكن لشعب أن يُحب قيادته بهذا القدر؟ ويأتي الجواب من قلب كل سعودي: لأننا لم نرَ في قادتنا إلا رجالًا أوفياء، عادلين، باذلين، قريبين من الناس، يتقدمون الصفوف، ويقودون بالقدوة لا بالأوامر. من هذا المبدأ نقول وبكل فخر: إن العلاقة بين القيادة والشعب في السعودية ليست علاقة سلطة وحُكم، بل علاقة مصير ومسيرة، وسفينة واحدة تبحر نحو المستقبل، بقيادة حكيمة، وشعب وفيّ، تحت راية التوحيد، وبقلوب متحدة، وأرواح معلّقة بحب هذا الوطن العزيز والأسرة الحاكمة. إنها قصة ولاءٍ لا يُملى، بل يُولد في كل نبض سعودي.. قصةُ قيادةٍ وشعب، لا يجمعهما الحكم فقط، بل يجمعهما الحب.