×
محافظة المنطقة الشرقية

المخدرات.. حرب بوسائل أخرى

صورة الخبر

كشفت وسائل الإعلام نجاح وزارة الداخلية الإماراتية بالتعاون مع نظيرتها الكويتية في إحباط تهريب كمية كبيرة من مادتي الشبو والهيروين، تم ضبطها أثناء محاولة تهريبها إلى الكويت عن طريق البحر، شملت نحو 100 كيلوغرام من مادة الشبو و10 كيلوغرامات من مادة الهيروين وبقيمة تصل إلى مليون و150 ألف دينار كويتي. وذكرت الداخلية الإماراتية عبر حسابها في «إكس»: هذا التعاون بين وزارة الداخلية الإماراتية ونظيرتها الكويتية يجسد الرؤية الموحدة في التصدي لآفة المخدرات، ويُعزز الثقة المتبادلة بين الأشقاء في حماية مجتمعاتنا. مضمون هذا الخبر يؤكد بوضوح أن الحروب أصبح لها أشكال متعددة، لعل أخطرها وأكثرها شراسة المخدرات التي تستهدف شريحة الشباب على وجه الخصوص، بما يعني أن عصابات الشر تسعى إلى ضرب مستقبل البلاد في الصميم، ومن ثم فإن حماية المجتمع والدولة من الأخطار الخارجية لا تقتصر على الدفاع بالسلاح والعتاد ضد الأعداء المحتملين للعدوان العسكري. ونظراً لما تمثله هذه السموم من أخطار، تولي القيادة اهتماماً كبيراً لمكافحتها وحماية المواطنين من آثارها المدمرة، وتمد الدولة وأجهزتها المعنية يدها إلى كافة الجهات الدولية التي تتصدى لمحاربة العصابات المنظمة، التي تتاجر في آلام الشعوب وتتربح المليارات على حساب صحة الناس وعافيتهم. المخدرات ليست مجرد مواد تفتك بالجسد فحسب، بل تهدم العقل وتشل الإرادة وتدمر الطموحات، فمدمن المخدرات سرعان ما يفقد قدرته على التفكير السليم، ويتحول إلى شخص منعزل غارق في مشكلاته النفسية، وعاجز عن أداء أدواره الاجتماعية والوظيفية، والأخطر على مستوى المجتمع أن تزايد عدد المدمنين يؤدي إلى تفكك الأسرة، وارتفاع معدلات الجريمة وتدني الإنتاجية، مما يشكل عبئاً اقتصادياً وأمنياً وصحياً هائلاً. ومن هذا المنطلق تشارك الإمارات في الاحتفاء باليوم العالمي لمكافحة المخدرات، الذي يوافق 26 من يونيو من كل عام، المشاركة في هذه المناسبة تأتي تأكيداً لالتزام الإمارات الراسخ، بتعزيز الجهود المحلية والدولية الرامية إلى التصدي لآفة المخدرات ومخاطرها المتعددة، عبر استراتيجية وطنية شاملة تستند إلى محاور التوعية والوقاية والعلاج، إضافة إلى تطوير القدرات الأمنية لمواجهة التحديات المرتبطة بهذه الجريمة العابرة للحدود. ووفق توجيهات القيادة الرشيدة، تولي وزارة الداخلية ملف مكافحة المخدرات أهمية قصوى، وتعمل من خلال شراكة متكاملة بين المؤسسات الأمنية والتعليمية والصحية والاجتماعية والمجتمع المدني، لتعزيز التوعية المجتمعية، وتحصين النشء، وتفكيك الشبكات الإجرامية عبر استخدام أحدث التقنيات، وتحقيق التكامل في الجهود الوقائية والعلاجية والمجتمعية والأمنية. وفي هذه المناسبة حرصت على الاستماع بإنصات إلى استراتيجية عمل وزارة الداخلية بقيادة الفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، رئيس مجلس مكافحة المخدرات، في التعاطي مع هذه القضية الخطيرة، وهو الأمر الذي حققت خلاله الوزارة إنجازات نوعية على صعيد الضبطيات وتفكيك الشبكات الإجرامية خلال السنوات الماضية. ومن واقع السجلات الرسمية لوزارة الداخلية الإماراتية، فقد شهد عام (2024) ما مجموعه (9774) بلاغاً متعلقاً بجرائم المخدرات، وجرى التعامل مع (13513) متهماً في هذا الإطار، فيما بلغ إجمالي الكميات المضبوطة من المواد المخدرة والمؤثرات العقلية نحو (12340) كيلوغراماً، كما ساهم تنسيق الإمارات وحرصها على تعزيز التعاون الدولي في مجال مكافحة المخدرات مع أكثر من (24) دولة حول العالم في ضبط (3383) كيلوغراماً من المواد المخدرة خارج الدولة. واعتمدت الإمارات في نوفمبر الماضي الاستراتيجية الوطنية لمكافحة المخدرات 2024-2031، والتي تسعى إلى أن تكون دولة الإمارات خالية من المخدرات في عام 2031، والعمل على تحقيق المستهدفات الوطنية، بما يسهم في خفض معدل الوفيات الناتجة عن تعاطي المخدرات لكل مليون نسمة من السكان، وتقليل نسبة متعاطي المخدرات لكل 100 ألف من السكان. وفي إطار هذه الاستراتيجية، نظمت وزارة الداخلية «ملتقى الوقاية من المخدرات» في أبوظبي تحت شعار «أسرة واعية.. مجتمع آمن»، مع تركيز جهود الوقاية والتوعية كخط دفاع أول، عبر إشراك فئات المجتمع كافة في الجهود الوقائية، وتمكينهم من المساهمة الفاعلة في حماية النشء وتعزيز القيم الإيجابية. إن محاربة المخدرات لا يمكن أن تكون مسؤولية جهة واحدة، بل هي مسؤولية جماعية، تتطلب تضافر الجهود من الأسرة والمدرسة والإعلام ومؤسسات الدولة المعنية بالأسرة وكل فرد في المجتمع، فالوعي المجتمعي هو الركيزة الأساسية التي يمكن من خلالها بناء حصانة حقيقية في وجه هذه الآفة، وصناعة جيل قوي قادر على مقاومة كل ما يهدد مستقبله واستقراره.