×
محافظة الرياض

راشد العساكر ومرايا الوطن: تأصيل الذاكرةالوطنية في ظل دعم القيادة للهوية والمعرفة

صورة الخبر

في زمن تعاظمت فيه الحاجة إلى حفظ الذاكرة الوطنية، والوفاء للتاريخ المحلي، يبرز اسم الدكتور راشد بن محمد العساكر بوصفه واحدًا من الباحثين السعوديين الذين شغفوا بتاريخ، وتجلّت اهتماماتهم في جمع الشذرات المتناثرة من تاريخ الوطن، وتحويلها إلى نصوص علمية محكمة، تقف شاهدة على عمق التجربة الحضارية التي عاشتها المملكةالعربية السعودية منذ نشأتها وحتى اليوم. ولان كان العساكر في مشروعاته البحثية قد إنشغل برصد تفاصيل المجتمع المحلي، والأنشطةالثقافية، والمعالم الجغرافية، والوثائق التاريخية، فإنه لم يكن مجرد ناقل، بل مارس دور المؤرخ الواعي، القارئ لمحتوى الوثيقة، والكاشف عن أبعادهاالثقافية والسياسية والاجتماعية، فجاءت أعماله معبرة عن هُوية وطن، ومشروع قيادة، ووعي أمة. لقد أدرك العساكر مبكرًا أن الهوية لا تُبنى في فراغ، وأنّ الوطن لا يُعرف حق المعرفة ما لم يُحفظ تاريخه، وتُصنّف وثائقه، وتُقرأ شواهده، فكرّس جهوده لمشروعات التوثيق والبحث، وأصدر عددًا من الكتب التي عنيت بتاريخ مناطق المملكة، وبسيرالأعلام، وتوثيق المراسلات الرسمية، لا سيما في منطقة الرياض وما جاورها. ويأتي هذا الجهد في ظل رؤية وطنية واسعة تبنّتها القيادة السعودية، حيث دعمت المؤسسات الثقافية، وساندت مراكز البحوث، وأطلقت مشاريع تاريخية كبرى مثل “مشروع الملك عبدالعزيز للمحتوى المحلي”، و”دارة الملك عبدالعزيز”، وغيرها من المبادرات التي هيأت للمؤرخين والباحثين بيئة عمل علمية ومنهجية، تُسهم في بناء وعي المواطن، وصياغة خطاب ثقافي راسخ. ولعلّ أبرز ما يميز العساكر هو نزوعه إلى التوثيق الميداني، واعتماده على المخطوطات والصور والمقابلات المباشرة مع الرواة، وحرصه على إخراج المادة التاريخية بحلّة لغوية واضحة، دون تفريط في المنهج العلمي، وبذلك أصبح مشروعه مرآة عاكسة لذاكرة المجتمع، وصورة وفاء للمكان والإنسان، فـ الااعتبار في دراساته وتوجهاته التاريخية إلا لإبراز قيمة الوطن ومكانته وتاريخه، وقد عبر الدكتور عبدالله العسكر عن منهج العساكر في بحوثه وتحقيقاته أنه يمتاز بقدرته على التقاط التفاصيل، ومهارته في تتبع الوثائق النادرة، وقراءتها في سياقها الاجتماعي والسياسي، وهو ما يجعل عمله يتجاوز مجرد التوثيق إلى بناء سردية وطنيةمتماسكة. في ضوء هذا، يمكن القول إن العساكر لا يمثّل ذاته فحسب، بل يمثّل جيلًا من الباحثين السعوديين الذين وجدوا في التاريخ المحلي مدخلًا لفهم التحولات الوطنية الكبرى، وفي دعم القيادةالسياسية مساندةً حقيقية لجهودهم، ودعوة مفتوحة للوفاء للهوية، والاعتزاز بالمكان، والحفاظ على إرث الأجداد. إن قراءة أعمال راشد العساكر في حقيقتها قراءة في مرايا الوطن، حيث تتجلى القيادة، والمجتمع، والتاريخ، والهوية في نصوصٍ علمية، تمسك بخيوط الذاكرة، وتوثّق ملامح الوطن قبل أنتغيب معالمها أو تتبدّل، ولئن كان التاريخ يؤرخ للأمم، فإن أمثال الدكتور راشد العساكر هم من يصوغون صفحاته بعين الوفاء، وصدق الانتماء، وشرف القلم. يُعد الدكتور راشد بن محمد العساكر من الأسماء البارزة في المشهد الثقافي السعودي، لما له من جهود علمية متميزة في التوثيق التاريخي، وخدمة لذاكرة الوطنية، وقراءة الموروث السعودي في ضوء مناهج البحث المعاصر، وقد أسهم من خلال مؤلفاته المتنوعة في حفظ الكثير من تفاصيل الحياة الاجتماعية والسياسية في المملكة العربية السعودية، لا سيما ما يتعلق بمنطقة الرياض وضواحيها.