×
محافظة المنطقة الشرقية

وزارة التعليم ومنجزات رؤية المملكة 2030 - د.شريف بن محمد الأتربي

صورة الخبر

يعد التعليم والصحة هما فرسا الرهان لأي دولة تريد أن تحتل الصفوف الأولى ضمن الدول المتقدمة، لأجل ذلك كانت المملكة العربية السعودية من الدول السباقة لتقنين التعليم، والتحول من نظام التعليم الفردي (الكتاتيب) إلى النظام المؤسسي من خلال إنشاء مديرية المعارف والتي تأسست عام 1344هـ (1926م)، وهي تعد حجر الأساس لنظام التعليم القائم الآن. تم تشكيل أول مجلس للمعارف في عام 1346هـ (1928م)، بهدف وضع نظام تعليمي يشرف على التعليم في منطقة الحجاز، وتوسعت صلاحيات المديرية مع قيام المملكة العربية السعودية لتشمل جميع شؤون التعليم، وزادت عدد المدارس من أربع مدارس إلى 323 مدرسة. تحولت مديرية المعارف إلى وزارة المعارف في عام 1373هـ (1953م)، وأسند إليها التخطيط والإشراف على التعليم العام. وكان الملك فهد بن عبد العزيز -رحمه الله- هو أول وزير لها. وفي عام 1379هـ (1959م)، تم إنشاء الرئاسة العامة لتعليم البنات والتي بدأت بـ15 مدرسة ابتدائية ومعهد معلمات. وفي عام 1423هـ (2003م)، تم دمج الرئاسة العامة لتعليم البنات في وزارة المعارف، وتحولت إلى وزارة التربية والتعليم. لم يكن التعليم العالي بمعزل عن التطورات التي طرأت على نظام التعليم في المملكة، حيث تأسست وزارة التعليم العالي بموجب مرسوم ملكي في عام 1395هـ (1975م)، لتكون مسؤولة عن تنفيذ سياسة التعليم العالي. على مدار السنوات الماضية شهد التعليم الجامعي دعماً كبيراً من كافة قادة البلاد، حيث تمثل هذا الدعم في التوسع في عدد الجامعات والكليات، فتم إنشاء جامعات جديدة وكليات تطبيقية، مما رفع عدد الجامعات إلى 27 جامعة حكومية و36 جامعة وكلية أهلية و25 معهدًا. في الخامس والعشرين من شهر أبريل عام 2016، بتوجيه من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- أُطلقت المملكة العربية السعودية رؤية 2030 التي وضعها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء-حفظه الله-، لتكون خارطة طريق نحو مستقبل مزدهر ومستدام للمملكة. تمثل رؤية المملكة 2030 خطة استراتيجية طموحة تهدف إلى تحقيق تحول شامل في مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لبناء مستقبل واعد ومزدهر، وهي ترتكز على ثلاث ركائز أساسية: وطن طموح، واقتصاد مزدهر، ومجتمع حيوي، مع التركيز على تنويع مصادر الدخل وتقليل الاعتماد على النفط، وتعزيز الهوية الوطنية، ودعم الإبداع والابتكار. سعت الرؤية إلى رفع جودة الحياة وتحسين الخدمات للمواطنين والمقيمين، من خلال تطوير التعليم، وتقديم الرعاية الصحية، وتحسين البنية التحتية، مع تمكين المرأة والشباب، وتعزيز دور المملكة كقوة اقتصادية عالمية ومركز استثماري جاذب، كما مثلت رؤية المملكة 2030 خارطة طريق تعكس طموحات القيادة والشعب لتحقيق مستقبل مشرق للمملكة. منذ تم تدشين الرؤية ووزارة التعليم تعمل على تحقيق الأهداف المنوطة بها، حيث سعت إلى تطوير التعليم وتعزيز جودة المخرجات التعليمية، ووضعت العديد من الأهداف الاستراتيجية لذلك، ومن هذه الأهداف التي سعت الوزارة لتحقيقها: تحسين التصنيفات العالمية. حيث سجلت المملكة ارتفاعًا ملحوظًا في مؤشرات التنمية البشرية (IMD) لترتقي من المركز 50 إلى المركز 40. كما ارتفعت نتيجة المملكة في برنامج التقييم الدولي للطلاب (PISA) من 78 إلى 70 في الرياضيات، ومن 66 إلى 60 في العلوم، مما يعكس الجهود المبذولة في تحسين جودة التعليم. وضعت الوزارة الاستثمار في التعليم ضمن أهدافها، لذا سعت إلى زيادته بما يتناسب مع حجم وقوة السوق السعودي والعالمي في الاستثمار في التعليم، حيث من المتوقع أن يصل إجمالي الاستثمار إلى 1,237 مليار ريال سعودي، موجهًا نحو تحسين البنية التحتية وتطوير المناهج وتدريب المعلمين. عملت الرؤية أيضًا على تحديث المناهج الدراسية بما يتماشى مع احتياجات السوق ومتطلبات العصر، فشمل ذلك توفير مواد تعليمية تركز على المهارات الحياتية والابتكار، وهذا بدوره انعكس على إعداد المعلمين، حيث تحتاج هذه المواد إلى معلمين مؤهلين لتدريسها بفعالية، واتقان. لم يكن المعلمون غائبين عن الظهور في مشهد الرؤية، والمشاركة في جهود الوزارة لتحقيق مستهدفاتها، فهم والطلبة يمثلون جناحي العملية التعليمية، ومن دونهما لا يوجد تعليم، ولا توجد مخرجات تعليمية دائمة للمجتمع؛ لذا فقد وضعت الوزارة تحسين جودة المعلمين هدفا ذا أولوية عالية ضمن أهدافها، ومن أجل ذلك وفرت الوزارة برامج تدريبية متنوعة وشاملة ركزت على تطوير المهارات التعليمية والتقنية لهم، كما تم تصميم هذه البرامج بناء على احتياجاتهم الفعلية، والاتجاهات الحديثة في التعليم، مما ساهم في رفع مستوى أدائهم. لقد وفرت الوزارة أيضا فرص للمعلمين للمشاركة في ورش العمل والدورات التدريبية المتخصصة، هذه الفرص أتاحت لهم تحديث وزيادة خبراتهم التعليمية والتقنية، وقد بلغ عدد المتدربين أكثر من 50,000 معلم ومعلمة منذ بدء تنفيذ برامج التدريب الجديدة، مما انعكس إيجابًا على جودة المخرجات التعليمية. لقد تضمنت رؤية 2030 أيضا ضرورة توفير آليات فاعلة لتقييم أداء المعلمين بشكل عادل ودوري، حيث تم تحديد معايير واضحة لقياس الأداء، مما انعكس إيجابا على جودة التعليم، وساعد على تحديد نقاط القوة والضعف لدى المعلمين، وتوفير فرصًا لتحسين الأداء. عُد دمج التقنية في التعليم واحدا من أهم أهداف الرؤية في التعليم والذي انعكس بدوره على تدريب المعلمين، فتم توفير منصات تعليمية رقمية مكنتهم من الوصول إلى موارد تعليمية متنوعة، وتبادل الخبرات مع زملائهم، مما عزز من قدراتهم، ومهاراتهم. لم تكن التقنيات غائبة يوما ما عن أهداف الوزارة، فقد سعت إلى توظيف التقنيات في العملية التعليمية فتم إدخال أدوات التعلم الإلكتروني، والتعليم عن بعد مما ساعد في تحقيق استمرارية التعليم خلال جائحة كورونا، حيث ارتفعت نسبة استخدام المنصات التعليمية الرقمية إلى 90 في المائة.. لم تغفل الوزارة الجانب الآخر من التعليم، حيث اهتمت أيضا بالتعليم التقني والمهني والذي يعد جزءًا أساسيًا من استراتيجيتها، حيث سعت إلى تطوير برامج تعليمية تتناسب مع احتياجات سوق العمل. وقد شهد التعليم المهني في المملكة زيادة في عدد الطلاب المسجلين بنسبة 15 في المائة منذ عام 2018. لم تكتف الوزارة بإطلاق العديد من المبادرات التعليمية والإدارية فقط؛ بل عملت على وضع العديد من أدوات القياس لضمان نجاح هذه المبادرات، حيث تم استخدام التقييمات الدولية والمحلية، والاختبارات الوطنية، واستطلاعات الرأي، ونسب التحاق الطلاب التي وصلت إلى 97 في المائة ونسبة التخرج التي بلغت 85 في المائة،... وغيرها من الأدوات التي توضح سير عمل هذه المبادرات في طريقها الصحيح، وتحقيق أهدافها. عملت الوزارة على ضمان وصول التعليم إلى جميع فئات المجتمع خصوصا ذوي الاحتياجات الخاصة، ومن أجل ذلك تم تطوير برامج تعليمية شاملة لهم، مما أدى إلى زيادة نسبة التحاقهم بالمدارس بنسبة 25 في المائة. تعددت جهود الوزارة الساعية إلى تحقيق رؤية 2030، مع التركيز على تقديم تعليم ذي جودة عالية يلبي احتياجات المجتمع وسوق العمل، وقد مثلت الخطوات المتخذة في تحسين التصنيفات العالمية وزيادة الاستثمار وتطوير المناهج واستخدام التكنولوجيا إطارا عاما نحو تحقيق هذه الأهداف، مع عدم إغفال الجودة في كل ما تقوم به الوزارة من أعمال. إن تقديم الخدمات التعليمية والإدارية لأكثر من 8 ملايين طالب وطالبة على مستوى التعليم العام، والتعليم العالي، والتعليم الفني، وأيضا 500 ألف معلم ومعلمة، وأكثر من 200 ألف مبتعث ومبتعثة على مدار العام ودون توقف؛ يعد تحدياً كبيراً جداً مقارنة بأي وزارة خدمية أخرى، لذا فقد سخرت الوزارة كافة إمكاناتها المادية والفنية والتقنية لتكون هذه الخدمات محققة لتطلعات هؤلاء الأبناء وأولياء أمورهم، فهم يمثلون حلم اليوم، وقادة الغد.