تُعدّ التمور من الثروات النباتية الإستراتيجية في المملكة العربية السعودية؛ فهي ليست مجرد غذاء أساسي أو رمزًا لتراث متوارث، بل رصيد اقتصادي حقيقي يسهم بشكل ملموس في دعم معدلات التصدير وتنويع الدخل الوطني بإنتاج ضخم تجاوز 1.9 مليون طن خلال عام 2024 وصادرات ارتفعت إلى 1.695 مليار ريال. وهذه الأرقام لا تعكس فقط حجم الإنتاج والتصدير، بل تؤشر إلى عمق ارتباط التمور بالجهود الوطنية لتنويع الاقتصاد، وتعزيز الاكتفاء الذاتي الزراعي، وتحفيز التنمية الريفية والوظائف في قطاع الزراعة والصناعات المرتبطة بها. تحت شعار: «الابتكار من أجل الاستدامة في سلسلة القيمة لقطاع النخيل والتمور»، تنطلق هذه الأيام فعاليات نسخة 2025 من «عالم التمور» في 25 نوفمبر، وتستمر حتى 4 ديسمبر 2025، في حرم جامعة الملك سعود بمدينة الرياض بتنظيم المركز الوطني للنخيل والتمور وبالشراكة مع عدد من الجهات المتخصصة. وتشارك في المعرض مناطق عدة من المملكة تشتهر بزراعة النخيل والإنتاج من الرياض والقصيم إلى الأحساء، حائل، الجوف، المدينة المنورة، والعلا، وغيرها. يحتضن معرض عالم التمور أكثر من 400 صنف من التمور تمثّل تنوّع المناطق والمناخات الزراعية، وأجنحة للمزارعين والمنتجين تتيح التذوق والشراء مباشرة من المصدر ومنصات للحرف اليدوية والمأكولات المحلية، ومقاهٍ ومطاعم تقدم مأكولات ومشروبات تعتمد التمور في أجواء عائلية وتراثية، وفعاليات ثقافية وترفيهية، تعكس عمق العلاقة بين التمور وتراث وهوية المجتمع السعودي. من خلال مشاهداتي الشخصية داخل معرض «عالم التمور»، تتجسّد علاقة التمور بالهوية السعودية: من النخلة والزراعة القديمة، إلى الأسواق الحديثة، والمنتجات المعاصرة، والصناعات الغذائية. المعرض يجمع بين الطابع التراثي والتذوق، الأطعمة الشعبية، الحرف اليدوية، وبين الطابع التجاري والاقتصادي، كذلك لاحظت الإقبال على مزادات التمور في باحة المعرض وعرض جميع الصناعات والحرف المرتبطة بسعف النخيل وتمورها في أجواء جذبت الكبار والصغار مواطنين ومقيمين! التمور في المملكة ليست مجرد فاكهة تُقدَّم على موائد الإفطار أو تُباع في الأسواق، هي ثروة وطنية حقيقية: غذاء، اقتصاد، تراث، وصناعة. بفضل الإنتاج الضخم، التصدير الواسع، والطلب المتزايد عالميًا، باتت المملكة في مقدّمة الدول المنتجة والمصدّرة للتمور.