في زمن تسيطر فيه الكثير من المشاعر السلبية على العديد من العلاقات الإنسانية بسبب ما تحمله الحياة العصرية بفصولها المادية من معطيات تنعكس على أولويات وطريقة تفكير بعض البشر. تجد أن الحقد قد أصبح واضحًا وصريحًا، تقابله غيرة مغلّفة بابتسامة وطيبة ومشاعر مصطنعة.. نعيش بين وجوه لا تُظهر ما تخفيه. فالأقربون قد يغارون من نجاحك بصمت، يراقبون خطواتك دون أن يُشعروك بشيء، فقط حتى لا تنتبه.. ولا تقلق. هذه المقدمة ليست من باب المبالغة أو نظرة سوداوية للواقع، بل هي إسترسال في حديث يجول في خواطر الكثيرين عن ما وصل إليه حال البعض اليوم وكيف أصبح الآخرون يقيمون علاقاتهم بالآخرين وفق مبادئ مادية مبنية على أسس لا تليق بذلك الإرث الجميل الذي نمتاز فيه عن غيرنا من أخلاق نبيلة تضع الإنسانية وحسن التعامل في الأساس وفوق كل الاعتبارات. كثييرة هي المفاقرات التي تطغى على سلوكيات الحاضر. ومع ذلك، يبقى السؤال حاضرًا: من الأقوى؟ الغيرة التي تتخفّى بلباقة؟ أم الحقد الذي يعلن نفسه بلا خجل؟ الغيرة قد تبدأ شعورًا عابرًا، لكنها حين تتضخّم تتحوّل إلى سلوك مؤذٍ يقوده شخص لا يستطيع مواجهة نجاح غيره. ومع مرور الوقت، يتبدّل هذا الشخص إلى أداة إحباط؛ يزرع الأفكار المشتتة في طريق الناجح، ينشر الأكاذيب من حوله، يضحك في الواجهة.. ويضع العقبات في الخلف بكل طريقة ممكنة. ولم يقف الأمر عند هذا الحد؛ فللأسف.. أصبح أقرب الأقربون يحاربون الناجحين، مستخدمين كل ما يملكون من صلاحيات ونفوذ لتصعيد هذه الحرب بحجج مزيفة وتبريرات لا أساس لها. بدلًا من تقديم الدعم، وبدلًا من أن يكونوا مصدر فخر داخل المجتمع، يتحوّلون إلى جزء من المشكلة.. لا جزء من النجاح. نحن اليوم في زمنٍ تعتمد فيه الكثير من الوجوه على الابتسامة الصفراء؛ ابتسامة لا تمتّ للصدق بصلة، تُخفي خلفها مشاعر مُرهقة لا تُقال. وذلك إعتقاداً منها أنه الأسلوب الأمثل لإدارة العلاقات الإنسانية في زمن طغت فيه الكثير السلبية على أحاسيس البشر. ومع كل هذا.. يبقى أمام الناجح سلاح لا يُهزم: الثقة بالنفس، والإيمان بالقدرات. راجع نفسك كل يوم: ماذا قدّمت؟ ما أثره عليك وعلى من حولك؟ هل تعبّر خطواتك عن قيمتك الحقيقية؟ افتخر بعملك مهما بدا صغيرًا.. طالما أنه يحمل معنى، ويترك أثرًا، ويجعل منك إنسانًا أفضل. فالنجاح الحقيقي لا يسقط بحقد، ولا يُهزم بغيرة النجاح يسقط فقط عندما يتخلّى صاحبه عن نفسه. h.talal.g@gmail.com