جذبت المزارع الريفية في منطقة الباحة البالغ عددها 23 مزرعة الزوار والسياح القادمين إلى المنطقة من داخل المملكة وخارجها، وذلك لما تتميز به من أجواء سياحية امتزجت بيئتها بين طبيعة الأرياف بهدوئها وبساطتها، وحاضر المنتجعات السياحية. وتشهد منطقة الباحة تزايدًا في أعداد المزارع الريفية، التي تنوعت بين الاستثمار في المنتجات الزراعية، والنزل السياحية، وجاء هذا الاهتمام بتلك المزارع وتطويرها من خلال توجه السعودية نحو تنمية المناطق الريفية وتفعيل السياحة الزراعية والتراثية، بصفتها أحد النماذج الرائدة في دعم الاقتصاد المحلى وتحفيز الاستثمار في القطاع السياحي غير التقليدي خاصة في المناطق ذات الطابع الزراعي والجغرافي المميز مثل الباحة. وأوضح مدير فرع وزارة البيئة والمياه والزارعة بمنطقة الباحة المهندس فهد بن مفتاح الزهراني، لوكالة الأبناء السعودية (واس)، أن المزارع الريفية البالغ عددها 23 مزرعة ريفية مرخصة تتوزع في مختلف محافظات المنطقة، منها عشر مزارع في مدينة الباحة، وخمس في محافظة المندق، وأربع في محافظة العقيق، ومزرعتان بمحافظة القرى وواحدة في بنى حسن ومزرعة في محافظة المخواة، مشيرًا إلى أن العمل يجرى حاليًا على ترخيص خمس وثلاثين مزرعة ريفية، تأتي ضمن خطة الفرع للعمل على ترخيص نحو خمسين مزرعة، في مختلف محافظات المنطقة منها عشر في محافظة بلجرشي وخمس في محافظة قلوة. تراث وضيافة تراث وضيافة وبين أن الفرع وفرّ خمسة عشر ألف شتلة من شتلات الميز النسبية، إضافة إلى دعم التوسع في زراعة المحاصيل الواعدة، مثل التوت الأسود والفستق والزعفران والورد والفراولة، وإقامة حقول إرشادية كنماذج ناجحة، وتطوير سبع مزارع صغيرة لتمكينها من تقديم أنشطة السياحة الزراعية لزوارها مثل قطف الفاكهة ورعاية المواشي وزراعة الأشجار، وتفعيل ورش عمل للسياحة الزراعية، والتدريب والتمكين بإقامة ورش عمل ريادية لأصحاب المزارع الريفية، ونفذ الفرع خمسا وعشرين ورشة عمل عن إجراءات التراخيص، وزيارات إرشادية للدعم الميداني، وتسهيل إجراءات التراخيص الزراعية. وأضاف المهندس الزهراني أن أهداف ترخيص نشاط المزارع الريفية تتسق مع أهداف رؤية المملكة 2030، ومنها المحافظة على الإرث الزراعي والتعريف به، والحد من التلوث بمختلف أنواعه، وحماية البيئة من الأخطار الطبيعية، وزيادة دخل المزارعين وإتاحة الفرص الوظيفية للجنسين، وزيادة إسهام المنشآت الصغيرة والمتوسطة والأسر المنتجة في الاقتصاد المحلي لضمان تحقيق الأمن التنموي والغذائي والاستفادة المستدامة من الموارد المائية. وأكّد أن من أبرز النتائج المحققة في المنطقة في مجال المزارع الريفية هي زيادة نسبة المساحة الزراعية للمحاصيل المدعومة وإتاحة فرص وظيفية للشباب والفتيات، وزيادة نسبة المزارع العضوية لتحقيق غذاء آمن وصحي، إضافة إلى إنتاج أصناف زراعية محلية ذات جودة عالية، وتحفيز وتشجيع أصحاب المزارع المهجورة لإعادة إحيائها والاهتمام بها، واستثمار المقومات المتاحة لديهم وزيادة دخلهم من خلال جذب الزوار إلى المزارع وتوفير منافذ لبيع المنتجات الزراعية في المواقع السياحية وتمكين التوظيف في صناعة السياحة الزراعية. وعن متطلبات واشتراطات تراخيص المزارع الريفية قال المهندس الزهراني “هناك عدة اشتراطات منها أن يكون صاحب المزرعة سعودي الجنسية، ومملوكة بموجب صك شرعي، وأن يكون للمزرعة سجل زراعي صادر من وزارة البيئة والمياه والزراعة، وذات نشاط زراعي قائم ومنتجة، والتي يمكن الرجوع لها عبر بوابة الوزارة (ترخيص إنشائي المزارع الريفية).” بدروه، أوضح المتحدث الرسمي لصندوق التنمية الزراعية حبيب الشمري أن الصندوق يقف داعمًا للمزارعين المستثمرين في المزارع الريفية، ويُعد تمويل المزارع الريفية أحد الأنماط الريفية والسياحية التي تسمح للسائح بزيارة مزرعة قائمة؛ للاستمتاع بعدد من الأنشطة المرتبطة بالنشاط الزراعي والحياة الريفية. هه وأفاد أن التمويل يهدف إلى تطوير المزارع وتنويع مصادر دخلها لضمان استدامتها، والاستفادة من فرص الميز النسبية في المناطق الريفية، والمحافظة على البيئة النباتية والحيوانية، ورفع معدل السياحة البيئية والريفية، مشيرًا إلى أن التمويل يقدم لأصحاب المزارع والمناطق المجهزة لجذب السياح، ومن خلال تمويل الحيازات الزراعية القائمة والمنتجة في القطاع الزراعي بالتكاليف الاستثمارية والتشغيلية، ويستقبل الصندوق طلبات التمويل عبر تطبيق الصندوق الإلكتروني للجوال، أو منصة الخدمات الإلكترونية وفق متطلبات وشروط محددة، منها وجود ترخيص من وزارة البيئة والمياه والزراعة، ودراسة فنية مبسطة موضح فيها المجالات المطلوب تمويلها، وأن تكون المزرعة منتجة ومساحتها مناسبة للزراعة والسياحة الزراعية، إضافة إلى سند ملكية، أو سجل زراعي مطور. من جانبه، كشف أحمد البروقي، أحد ملاك المزارع في محافظة المندق، أن المزارع الريفية أصبحت أحد أهم مظاهر الجذب السياحي للعائلات والأفراد من هواة الطبيعة والهدوء والاسترخاء، على مدار العام، مفيدًا أنه يزداد الإقبال عليها في أوقات الصيف. ونوه إلى أن مزرعته تحوي العديد من المنتجات الزراعية التي تشتهر بها المنطقة، مثل العنب والحماط واللوز والفراولة، إلى جانب تقديم الأكلات الشعبية المنوعة من خلال الأسر المنتجة. إلى ذلك، أشار عبدالعزيز الزهراني، أحد ملاك المزارع في محافظة القرى، إلى أن المزارع الريفية تمنح السائح متعة خاصة في زيارة المدرجات الزراعية الخضراء، التي تعد من أجمل مظاهر الحياة الريفيّة، إضافة إلى ما تحمله تلك المزارع من مناظر خلابة تخطف الأنظار بجمالها وطبيعتها التي تعكس الهوية الزراعية والسياحية للمنطقة. وتتيح المزارع الريفية في منطقة الباحة للسائح تجربة لا تنسى من معايشة الطبيعة، وتقدم تجربة معيشية فريدة تمزج بين الضيافة الريفية والتراث الثقافي للمنطقة، بما في ذلك المأكولات المحلية والأنشطة الزراعية والحرف اليدوية والتقاليد الاجتماعية، وأنواع من المنتوجات الزراعية والفواكه، التي تكثر في فصل الصيف بالمنطقة، مثل العنب والتين والمشمش والرمان والتوت الأسود والتين الشوكي والخوخ، وغيرها.