عندما استأذنت ضيفنا بالكتابة عنه رَجَوْنِي أن لا أكتب عنه واعتذر وأعلم أنّ هذا نابع من تواضعه الجَم وحُسن أخلاقه لكن أنا والقلم أَبَيْنَا إلاّ الكتابة عنه فهو أهلٌ لهذا ويستحق بتاريخه وعلمه وسيرته ومسيرته وعصاميته أن يتشرّف المرء بالكتابة عنه لعلّ الكتابة عن مثل هذه القامة التربوية والتاريخية إضاءة نستدلّ بها الطريق. ضيف حلقة اليوم من أبناء محافظة ينبع ، وُلد وعاش طفولته فيها ، لكنّه أحبّ المدينة ، وسارع في خطب ودّها والقُرب منها .. فَقَبِلَتهُ وارتضت له في رحابها سكنًا ومعيشة ، فحظي ونال شرف الجوار. عشق المدينة وعشق أهلها وأرضها وجبالها ووديانها وحرّاتها وشعابها ومزارعها وكل شبر فيها ، حتى أنّه سخّر فكره وقلمه وسطور أوراقه باحثًا متبحّرًا يمخر عباب تاريخها المجيد ومجدها التليد وكيانها العتيد حتى باتت الرُفُوف تغصُّ وتمتلئ بالمجلدات والكتب توصيفًا لها وتعريفًا بها. إنّها المدينة النبويّة النور يشعّ من جنباتها فهي مثوى رسول الله صلى الله عليه وسلم طيبة الطيبة ، الحبيبة والمحبوبة ، مَنْ في الكون لا يعشقها ، عجز المُؤرّخون في وصفها ، والشعراء في مدحها ، والأدباء في رصد وكتابة محاسنها هنيئًا لمن كتب الله له العيش على ثراها والدّفن في بقيعها. ضيف حلقتنا بدأ حياته العملية في سلك التربية والتعليم ، تدرّج في سُلّمها ، ابتدأ مُعلّما فمديرا للمدرسة ثم مشرفًا تربوياً فمديرا للإشراف التربوي حتى اعتلى قمّة الهرم عندما عُيّن مديرًا للتعليم في منطقة المدينة خلفًا لمديرها السابق الفاضل الخلوق المرحوم الدكتور بهجت جنيد بعد تقاعده رحمه الله. سعدتُّ بمعرفة ضيفنا وتشرّفتُ بزمالته من بداية عملي التربوي في أواخر التسعينات الهجرية حتى أصبح مديرا للتعليم ، فكان ومازال نِعْمَ الأستاذ والزميل والصديق والمُوجّه والأديب. إذا أردنا أن نُميط اللّثام عن سيرة ومسيرة هذا الرجل التربوي الفاضل المثقّف نجده :عصاميٌّ ، عبقري ، طيّب النفس ، صافي النيّة ، رفيع الخُلق ، غزير العلم والمعرفة ، يمتلئ عشقًا للأدب والتاريخ والآثار حتى بات أحد علمائها وروّادها. ضيف حلقتنا اليوم المؤرخ والمعلّم والمربي الفاضل الدكتور : تنيضب بن عواده الفايدي حفظه الله ومتّعه بالصحة والعافية وُلد المؤرّخ الدكتور تنيضب في محافظة ينبع عام ١٣٧١هـ ودرس المرحلة الابتدائية في مدارسها .. التحق بمعهد المعلمين الثانوي بالمدينة وتخرّج منه وكان الأول في دفعته على مستوى المملكة. عُيّن مُعلما في مدارس المدينة عام ١٣٩١هـ وتدرّج من مدير مدرسة إلى مشرف تربوي ثم مديراً للإشراف التربوي حتى عُيّن مديرا للإدارة العامة للتعليم بمنطقة المدينة المنورة واستمرّ حفظه الله إلى تقاعده النظامي عام ١٤٣١هـ ،وخلال عمله واصل دراسته الجامعية وحصل على درجة الماجستير من كلية التربية بالمدينة والدكتوراة من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض مع مرتبة الشرف الأولى عام ١٤٢٣هـ. كان من بداية حياته ومازال مُولع بعلوم التاريخ والآثار والجغرافية حتى أصبح من كبار الكُتّاب والمؤرخين السعوديين ويُعد من أبرز مؤرخي المدينة المنورة. تتّخم رفوف الجامعات والمكتبات بمؤلفاته وكتبه في تخصص السيرة النبوية والتاريخ الإسلامي والآثار والمخطوطات ، من أبرزها : السيرة النبوية الموثّقة للرسول صلى الله عليه وسلم فضائل وخصائص آل النبي صلى الله عليه وسلم وحقوقهم دفاعًا عن الحبيب صلى الله عليه وسلم. تاريخ طيبة في خير القرون. جبال وحرار طابة دراسة جغرافية مصوّرة . محافظة الحناكية ( بطن النخل ). العلا طبقات التاريخ. الأودية والأبار في مدينة المختار. وادي العقيق مالم يبق منه وما بقي. نفحات أدبية عن درر ومواقع مكية. حماية البيئة في الإسلام. صيد الذاكرة الباصرة من أثار الوطن الحبيب. وغيرها كثير من الكتب القيمة والمخطوطات التي لامس قلمه فيها المدينة المنورة ومحافظاتها ، وبعض مدن المملكة والتي لا يسع المجال لذكرها. كما شَغِل الدكتور وشارك في عُضويات العديد من المراكز العلمية والمؤسسات الاجتماعية والثقافية والأدبية أذكر منها : عُضو مركز بحوث ودراسات المدينة المنورة عُضو مؤسس للجمعية السعودية للمحافظة على التراث عُضو النادي النادي الأدبي بالمدينة المنورة. هذا مرور سريع ولمحات مختصرة عن حياة هذا المربّي الفاضل والمُعلّم الناجح والعالم البارز ، وهب حياته في خدمة العلم والتعليم والآثار والجغرافية .. خدم وطنه ومدينته ومجتمعه بكل معاني الإخلاص والوفاء. معذرة أبا عبدالرحمن إذا أنا وقلمي لم نعطيك ونوفّيك حقّك في الوصف والسرد بالصورة التي تستحقّها فهذا جُهد المُقل فأنت بحق جدير بأن تُسكب من أجلك الأحبار وتنحني في الثناء عليك الأقلام وتمتلئ في مدحك الصفحات. لا أملك في الختام أستاذي إلا الدعاء لكم بأن يحفظكم المولى ويمتعكم بالصحة والعافية وأن يجعل كل ما قدّمتموه من إنجازات وأعمال في ميدان التعليم وحقول العلم والمعرفة في ميزان حسناتكم يوم القيامة. حفظ الله مملكتنا الغالية ومليكنا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهدنا الأمير محمد بن سلمان وأدام الله علينا نعمه الظاهرة والباطنة إنّه سميع مجيب. للتواصل مع الكاتب ٠٥٠٥٣٠١٧١٢ الدكتور : تنيضب