ما الذي خرجنا به لأكثر من نصف قرن على اجتماعات عربية من أعلى السلالم إلى متوسطها وآخرها، وكان الموضوع الحاضر وشبه المنسي أحياناً هو القضية الفلسطينية التي ظلت المرض الذي لم نجد له الدواء حين تسببت في كل قضايا الحروب وما تبعها من انتكاسات وهزائم؟! الاجتماع الوزاري الجديد، هو كغيره، فالطروحات هي نفسها مع فارق زمني أن السيادة لا تزال لإسرائيل على القرار الدولي، رغم بصيص الأمل بالنقلة الجديدة لبعض الاعتراف الشكلي بدولة فلسطين، وقد جاء هذا التطور نتيجة تحليل لظرف زمني متغير أي أن خدمة إسرائيل للقضايا الأوروبية - الأمريكية، لم تعد المقياس الذي يضبط ارتفاع درجات حرارة المنطقة أو انخفاضها، بل هناك تطورات على صعيد دولي وعربي داخلي جاءت لتكون المشكل الذي يرسم خطوطاً أخرى للمستقبل البعيد للمنطقة وخارجها.. الغريب والمؤسف أن أي اجتماع إقليمي أو قاري يؤخذ في الحسابات الدولية على أنه حدث مهم على العكس من المؤتمرات العربية التي ليس لها أي رقم في المعادلات، لأن نتائجها هي التي تفرز النجاح من الفشل، ولذلك صار التعامل مع الأقطار وحكوماتها أجدى من حلول تطرحها الجامعة العربية.. الوزاري الجديد يريد دعم مشروع الدولة الفلسطينية، وتدويل قضيتها بدلاً من ضياعها بين مشاريع عربية غير قابلة للتنفيذ، وأخرى تعطي الوعود، ولا تقبل الحلول وننسى أنه عام م أعلن عرفات قيام الدولة الفلسطينية في قاعة الصنوبر بالجزائر، والنتيجة معروفة الآن حيث تحول الإعلان لمجرد رأي صفق له الحاضرون لكن الولادة أجهضت وانتهت مع عمرها وزمنها القصيرين.. الموضوع ليس عرض حال يُكتب له خطاب كتبرئة للجميع من الالتزام الحقيقي بهذه القضية، وقد يكون هذا آخر ما يستطيعون عطاءه، والمشكل الآخر أن القيادات الفلسطينية منقسمة على نفسها تتقاتل من أجل أدوار خارجية البعض منها غير معني بالقضية، وهذا ساهم بشكل عملي في تدني مستوياتها ليس عند الساسة الكبار وإنما التأييد العربي الشعبي، ولسنا الآن في وارد محاسبة من أخطأ ومن أصاب إذا كان هناك مبرر حقيقي للوقوف معها ليس بنشر القوى العسكرية على الحدود مع إسرائيل، وإنما فك عقدة عدم الانسجام في الآراء والمواقف مع الفلسطينيين بين القادة أولاً، ثم المجتمع الدولي وضمن قرارات أممية واضحة، وليست مشروطة كما هي حال اليوم في أي تحرك لمشروع سلام جديد.. المناخ الدولي، وبناءً على ظروف الفوضى السائدة في المنطقة، انصبت اهتماماته على داعش وتوابعها، كقضايا أهم من سلام إسرائيلي - فلسطيني، بينما جزء من المشكلة أو كلها أن ولادات ما يجري من إرهاب وتطرف هي هذه القضية حتى لو اتخذت مجرد شعار يبيع ويشتري عليه الكثيرون بمن فيهم أصحاب القضية. لا نتفاءل بما ترسمه الجامعة العربية لأن طروحاتها ومشاريعها مربوطة بقوى دولية وهي من تقرر ولسنا نحن، وعلى ذلك فكل ما يدور في تلك اللقاءات هو تجديف في الهواء أو سباحة ضد التيار، وهي حقيقة ما جرى ويجري الآن.. لمراسلة الكاتب: yalkowaileet@alriyadh.net