ارتبط اسم رجل الأعمال المهندس عبدالله أحمد بقشان، بدعمه لمؤسسات التعليم العالي والبحث العلمي في المملكة، وكذا جامعته التي تخرج فيها "جامعة الملك فهد للبترول والمعادن" بعلاقة فريدة تعد نموذجا للعلاقة بين الخريج وجامعته، وظل منذ تخرجه في قسم الهندسة الكهربائية وحتى الآن، متواصلاً معها وداعما لها ومطلعا على مبادراتها وبرامجها. أول داعم وسجل المهندس بقشان نفسه كأول داعم لكرسي بحثي في المملكة من خلال تبرعه بكرسي أستاذية في قسم الهندسة الكهربائية في العام 1998، كما مثل تبرعه السخي ببناء أبراج في المركز المالي التابع لصندوق دعم البحوث والبرامج التعليمية تتويجاً لتاريخ طويل من العطاء والاقتناع العميق بدور التعليم والبحث العلمي في تطوير المجتمع ودفع حركته التنموية. وعن مساهمته في صندوق دعم البحوث بجامعة الملك فهد قال عضو مجلس إدارة صندوق دعم البحوث والبرامج التعليمية بالجامعة المهندس عبدالله بقشان: "أشكر جامعة الملك فهد على إتاحتها الفرصة لنا للمساهمة بعمل سيكون له تأثير كبير وغير منقطع، فالرغبة في المساهمة لا تكفي إن لم تكن هناك قنوات تستوعب مساهماتنا وتحقق رغباتنا في خدمة وطننا وأن تستثمر هذه التبرعات بالشكل الأمثل، كما أن الجامعة كانت الرائدة في إيجاد تواصل قوي مع القطاع الخاص بعد أن كان التواصل ضعيفاً. ونشعر بالسعادة لأن الجامعات الأخرى سلكت هذا التوجه فإلى زمن قريب كان مصطلح الكرسي البحثي غير معروف في مجتمعاتنا". كوادر متميزة ويعتقد المهندس بقشان أن هناك عائدا مباشراً وعائداً غير مباشر لهذه المساهمات على رجال الأعمال والقطاع الخاص، لأن نتائج دعم التعليم والبحث العلمي تتمثل في كوادر متميزة يتم توظيفها وتشكل قيمة مضافة للشركات، كما هو حال خريجي جامعة الملك فهد، كما أن البحوث توفر حلولا لكثير من القضايا في قطاع الصناعة والقطاع المالي نستفيد منها بشكل واسع. نقلة نوعية واكد ان رئاسة صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن نايف بن عبدالعزيز أمير المنطقة الشرقية، مجلس إدارة الوقف ستشكل نقلة نوعية، متوقعا أن يحقق الوقف قفزات كبيرة بفضل رئاسة سمو الأمير لمجلس إدارة الوقف نظرا لحماسه للمشروع واقتناعه بأهميته". واضاف: إن الصندوق يحظى بمجلس إدارة على مستوى عال ويدير استثماراته باحترافية، وأن هناك لجاناً متخصصة ودورنا إيصال الصورة إلى رجال الأعمال الآخرين، والتوعية بأهمية المساهمة ونلمس نتيجة عملنا من خلال زيادة المتبرعين واستمرار التدفقات المالية إلى الصندوق ولكن انتشار الوعي بالشكل الذي نطمح إليه يحتاج إلى وقت أطول. وبين أن أموال وعائدات الأوقاف ينفق منها في مجالات علمية وبحثية كثيرة منها جودة البحوث واستقطاب أساتذة متميزين، ودعم طلاب الدراسات العليا ويتم الاطلاع على أداء الوقف المتميز من خلال الاجتماعات ونلمس مستوى شفافية مرتفعاً يمكننا من الاطلاع على التفاصيل ورؤية نتائج تبرعنا ما يشجع رجال الأعمال على الدعم والمساهمة. مناصب قيادية واشار الى انه وعددا من أعضاء مجلس إدارة الوقف من أبناء الجامعة، يحاولون أن يكونوا قدوة لخريجي الجامعة بأن تستمر علاقتهم مع جامعتهم وأن يبادروا بدعمها والمساهمة في تطورها، فتطور الجامعة واكتسابها سمعة عالمية يعود عليهم بالإيجاب ويشعرهم بالفخر، كما أن طلاب الجامعة غالبا متميزون ويشغلون مناصب قيادية في مختلف القطاعات، ولذلك فإن مساهماتهم في دعم جامعتهم ستكون أكبر من مساهمات خريجي الجامعات الأخرى". توظيف وتدريب وعن توقعاته لنتائج الصندوق قال: "بعد بناء الأبراج وإكمال مركز الأعمال ستكون جامعة الملك فهد للبترول والمعادن مختلفة، وسيحقق ذلك نقلة نوعية غاية في الأهمية لأن أهمية مركز الأعمال لا تكمن فقط في مردوده المالي، بل إن وجود عدة شركات داخل المدينة الجامعية له فوائد عديدة مثل توظيف الطلاب وتدريبهم وتسويق البحوث". وأضاف: "نحن في طور الانتهاء من تصاميم الأبراج التي تبرعنا بها وسنبدأ البناء قريبا، مع العلم أن الوصول للتصميم النهائي للأبراج مر بمراحل كثيرة، وقمنا بدراسات واستشارات للجهات المستفيدة من مركز الأعمال وحرصنا على مواكبة متطلبات العملاء". منتجات معرفية وقال: إنه يجب عدم تعجل نتائج الصندوق وأن يمنح الوقت الكافي للنمو المدروس، فبعض الجامعات المرموقة بدأت أوقافها بـ50 دولارا وأصبحت الآن مليارات، مشيرا الى أن استقطاب طلاب الدراسات العليا جزء مهم من مهام الصندوق لزيادة الباحثين، خاصة أن ارتفاع نسبتهم مؤثر جدا على مكانة الجامعة بين الجامعات العالمية كما يقوم هؤلاء الطلاب بدراسات ذات قيمة علمية للجامعة، وقد تنتج عنها منتجات معرفية ذات قيمة اقتصادية،كما أن التنوع الثقافي وتعدد الجنسيات في الجامعة عامل آخر لصعودها. مسؤولية اجتماعية وحول مساهمات رجال الأعمال قال: "لنكن منصفين لرجال الأعمال، فمساهماتهم النابعة من المسؤولية الاجتماعية كثيرة، وسبقني الكثير من رجال الأعمال إلى أعمال جليلة كان لها تأثير واضح، وثقافة الأعمال الخيرية منتشرة في المملكة وتغطي مجالاً واسعاً من الأعمال وليست مقتصرة على دعم التعليم ولكني أركز على البحث العلمي". وقال: إنه يتطلع بعد خمس سنوات أن يكون في الجامعة مركز أعمال متكامل في غاية الجاهزية ومؤجر بالكامل، وهي تطلعات يصاحبها تفاؤل لأن إمكانية نجاح مركز الأعمال عالية بسبب جودة الإدارة وقربه من أرامكو ووجود شركة وادي الظهران والشركات الموجودة في الوادي تقدم منظومة متكاملة من عوامل النجاح أهمها العنصر البشري الذي تتميز به جامعة الملك فهد. براءات اختراع وأضاف: إن الجامعة قطعت شوطاً كبيراً في البحث العلمي والنشر وتسجيل براءات الاختراع، ونأمل أن تصل منتجات الجامعة المعرفية إلى الأسواق لدعم الاقتصاد الوطني، وقد يساعد الوقف بمشاركة آخرين على الاستثمار في هذه البراءات. نهضة كبيرة وعن رؤيته لدور البحث العلمي يقول المهندس عبدالله بقشان: إنه عنصر أساس لتقدم المجتمعات وازدهارها، ويضيف: إن بعض الدول حققت في العصر الحديث نهضة كبيرة كان وراءها البحث العلمي، فدولة مثل كوريا الجنوبية مثلا حققت نهضة كبيرة في السنوات الأخيرة كان السبب الأول فيها استثمارها في البحث العلمي. ويضيف: "لأن الأبحاث تتطلب حجم إنفاق كبيرا أصبحت الأوقاف ضرورية في الجامعات، لأن الاعتماد الكلي على الميزانيات قد يتسبب في تعثر تطور برامجها البحثية، فالوقف يضمن الجودة والاستدامة ويحصن الجامعات ضد التقلبات الاقتصادية". مبدأ إسلامي وقال المهندس بقشان: انه بالرجوع إلى أصل مبدأ الوقف نجده مبدأ إسلامياً عريقاً، وشاعت الأوقاف بجميع جوانبها التعليمية والطبية، وغيرها في مختلف العصور الإسلامية، واستفادت الثقافة الغربية من ذلك التراث العريق، ولا أدري تحديدا ما الذي غيب التبرع للمؤسسات التعليمية عن واقعنا بعد أن كان سائدا في تاريخ أمتنا"، وبالنظر إلى الجامعات الأمريكية العريقة تجد أنها قامت أساسا على الأوقاف، فمثلا جامعة هارفارد تملك وقفاً تزيد قيمته على 40 مليار دولار، كما أن بعض الكليات تملك أوقافا ضخمة، أصبحت من المصادر الأساسية التي تعتمد عليها الجامعات المرموقة في الإنفاق على أبحاثها وبرامجها التعليمية. ميزانيات ضخمة وأشار إلى أن الجامعات في المملكة تحظى بدعم حكومي وميزانيات ضخمة، ولكن ارتفاع كلفة التعليم والبحث المتميز يحتاج إلى روافد تضمن تطويره وتحصنه من التقلبات الاقتصادية، لافتا إلى أن حجم الإنفاق العربي على البحث العلمي لا يزال منخفضا مقارنة بدول العالم المتقدم، وأضاف: «بالرغم من أن المملكة ضاعفت حجم إنفاقها على البحث العلمي في السنوات الأخيرة، وأصبحت تقود العالم العربي في هذا المجال، إلا أن اللحاق بدول العالم المتقدم يحتاج مساهمات من الجميع، خصوصا من القطاع الخاص وهذا ما نحاول القيام به من خلال دعم صندوق دعم البحوث والبرامج التعليمية في جامعة الملك فهد. ثقافة جديدة ويرى المهندس "بقشان" أن ثقافة التبرع للمؤسسات التعليمية جديدة في مجتمعاتنا المحلية، ونحاول نشرها عن طريق مساهماتنا أو بنشر ثقافة التبرع في المجتمع، فثقافة العمل الخيري ما زالت مرتبطة بشكل كبير بإنشاء المساجد ومساعدة الفقراء والمحتاجين وهي جوانب مهمة، لكن يجب نشر الوعي بأن دعم البحث العلمي أيضا جزء من العمل الخيري، فلو ساهمت هذه التبرعات في إيجاد منتج يخدم البشرية فإن تأثيره سيكون كبيراً، فالبحوث العلمية هي التي ساهمت في أكبر تغيير في تاريخ البشرية، فمثلا الكهرباء والاتصالات وغيرها من التقنيات التي ننعم بها اليوم ناتجة عن بحوث ودراسات. ونشر الوعي بأهمية التبرع للمؤسسات التعليمية دور يجب أن تتعاون فيه الجامعات ورجال الأعمال. توجه مستقبلي وأرجع المهندس عبدالله بقشان سبب وعيه المبكر بأهمية دعم الجامعات ومراكز الأبحاث، إلى علاقاته مع الشركات الأمريكية، وأضاف قائلا: "كنت أرى مدى اهتمامها بالبحث العلمي وحجم الإنفاق عليه، وما زلت أتذكر زيارتي لمختبرات بيل لابز في العام 81م، والتي تعد من أشهر المختبرات، وفي ذلك الوقت كانوا يسجلون براءة اختراع يوميا، وكانوا يتحدثون حينها عن أن التوجه المستقبلي في الاتصالات أن خطوط الهاتف ستزول، وسيحل بديلا عنها هواتف لا سلكية خاصة، بحيث يصبح لدى كل شخص هاتفه ورقمه الخاص ويمكن الاتصال به في أي وقت ومن أي مكان، كان هذا الحديث في ذلك الوقت ضربا من الخيال، وكانت مجرد فكرة ما زالت يتداولها باحثون، ولكن الفكرة غيرت العالم فيما بعد، وأقنعني ذلك الحديث بأهمية البحث العلمي وقدرته على تغيير حياة الناس، لكنه يحتاج إلى خيال بعيد ومخاطرة للاستثمار في الأفكار.