Follow لا أعرف سر هذه الهجمة الشرسة جداً التي نالت وتنال من شخص رأى أن يكون صادقاً مع نفسه قبل أن يكون صادقاً مع الجميع وهو يفعل ما يعتقده صواباً وحقاً بغض النظر أكنا نتفق أو نختلف معه . الغامدي لم يكن أول من خرج متباهياً بحجاب زوجته الذي يراه شرعياً ويراه البعض في مجتمعنا تفسخاً وانحلالاً رجعياً دون فهم لعمق المسألة وتفريعاتها فقد سبقه الكثيرون من ذات المجتمع وعبروا بسلوكياتهم لا بقولهم عن رفضهم لغطاء الوجه بل بالغ البعض فرفض كل غطاء يحول بيننا وبين رؤية كل الجمال والوجه بالتأكيد أقله ولم يمنعنا حتى مما كان يخصه وحده من زوجته وتبنى مثل هؤلاء هذا التوجه في العلن ولم يستحوا من ذلك أو يتواروا خلف الحجاب . أعتقد أن من حقي التساؤل لماذا تركنا ذلك وانشغلنا بهذا وكلاهما لم يفعل شيئا سوى ممارسة قناعته بغض النظر عن استفادة البعض منها من خلال ربطها بلحية ظهرت هنا واختفت هناك واعتقدها البعض عنوانا للتقية والورع وحسن الأخلاق ولم يفهم أولئك أن الدين سلوك لا مظاهر تخفي خلفها الأحمق والمرتشي والزنديق والأفاق . فالغامدي لم ولن يكون أخر طلاب الشهرة والمال والمجد والجاه على حساب مهاجمة المرتكزات الدينية ومخالفة القوانين والأعراف والعادات إذا افترضنا ذلك فقبله الكثيرون هنا أو حتى خارج حدودنا ممن أتقنوا العزف على وتر المخالفة للحصول على قليل من الأضواء . المضحك أن أغلب من يروجون لهؤلاء ويحققون مبتغاهم بتناقل أخبارهم صباح مساء هم أنفسهم من يتحدثون عنهم بانتقاص ويصفونهم بالمرتزقة الباحثون عن الظهور الإعلامي بمعاكستهم للتيار . لم آتِ إلى هنا للخوض في تفصيلات القضية فهي أمر شرعي له رجالته فضلاً عن كونها مسألة خلافية بين العلماء ، تبنينا رأياً وكان الأقوى بحججه وتفصيلاته وتبنى غيرنا رأي الشيخ الألباني يرحمه الله وهو على ضعفه إلا إن ربطه بهذا الشيخ العلامة بالتأكيد قواه . فأين المشكلة إن رأى أحدهم كشف الوجه وجاهر بذلك معارضاً لجمهور كبير من العلماء ؟!! هل تستحق هذه المسألة الخلافية على أهميتها أن ننشغل بها عن همومنا العظام وننساق خلفها كالقطعان ؟!! ليست قضيتنا كشف الوجه فهو عند من يرون عدم جواز كشفه لا يعدو أن يكون معصية فقط وليست كبيرة توجب النار بينما نتعامى عن تدارك اقتصاد يتهاوى ومشكلات تتفاقم وشرخ اجتماعي يتعاظم وتألق نوعي يشهده الفساد حتى نصنف هذا وننال من تاريخ ذاك . خاصة وهؤلاء النسوة الكاشفات لوجوههن رأيتهن في غير بلد من البلدان قمة في الأدب والأخلاق والاحتشام حتى لا ترفع إحداهن نظرها عن أرضها إلا خشية الاصطدام . ورأيت البعض ممن يتشدقن باستحالة كشفها لوجهها لأمر منصوص عليه في الكتاب ، رأيتها تخفي خلف خمارها كل رزية وقد يكون مبعث حرصها وتعلقها به لسماحه لها بممارسة حريتها كما تشتهيها دون أدنى رقيب أو حسيب . باعتقادي بأن لا مناص لنا من الإقرار بأن الغامدي أو غيره سيحاسب عن نفسه ونحن سنحاسب أيضاً إن روجنا ودعمنا تجاوزاته لأهدافنا الشخصية وقد يفوق حسابنا حسابه إن وقفنا على الضفة الأخرى فتطاولنا على شخصه وزوجه فقذفنا واغتبنا حتى وإن كنا ننشد بفعلنا الهداية والإصلاح . وختاماً لا أعرف إلى متى ننام ملء جفوننا عن كل الخطوب والأزمات التي تتقاذفنا لنترك كل همومنا وننشغل عن أنفسنا المقصرة لنحدد أكان فلان من أهل الجنة أما النار .