يظل تنظيم «داعش» حالة فريدة واستثنائية من الفجور الإرهابي، لن تمر على التاريخ المعاصر دون أن تكشف عن كثير من الذيول والمرجعيات التي ترتبط بمصالح دولية على نطاق واسع لن تخرج بدورها عن مفهوم نظرية المؤامرة في خاتمة المطاف، فكل الشواهد تدل على ذلك خاصة وأنها تتحرك بمهارات ميدانية وقتالية محترفة في المنطقة العربية، وذلك يحدث ارتباكا أمنيا واختراقات تسهم في تشتيت الانتباه السياسي والأمني وانتاج فكرة الدويلات التي تتسق مع مبدأ الشرق الأوسط الجديد والفوضى الخلاقة التي تصنعه. السلوك التخريبي لهذا التنظيم يجعلنا نتوقف عند كثير من الدلالات والمقاصد السلبية التي يفترض أن تحقق نتائج إيجابية لآخرين من وراء التنظيم، وذلك عطفا على آخر أفعاله بتفجير مسجد الفاروق في منطقة سنية بالعراق وهي قرية جبة التابعة لناحية البغدادي، وهو أقدم مسجد في الأنبار وعمره 1400 سنة، إذ تم تشييده في زمن الخليفة عمر بن الخطاب، وذلك أمر لم يفكر فيه، ويبرأ منه عتاة المتطرفين الشيعة، فكيف لتنظيم سنّي أن يفعل ذلك؟ إذن هناك مفارقة جديرة بالاهتمام حول أدوار وأفعال التنظيم الإرهابي، تنتهي بنا الى أن هناك ريموت كونترول بيد خارجية تدير التنظيم، حتى ان سيرفرات مواقعه على الانترنت هناك في مكان ما تحت رقابة ومتابعة أجهزة معنية بالإرهاب ويمكنها أن تفعل الكثير للحد من تواصل التنظيم مع المستهدفين خاصة وأننا نعلم يقينا أن توظيفه للانترنت يوفر له تواصلا تفاعليا كبيرا ومؤثرا في الاستقطاب والتجنيد وتحريك الخلايا اليقظة والنائمة، ودون ذلك لا يمكن للتنظيم أن يفعل الكثير مما يفعله حاليا. بغض النظر عن اعترافات وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون، بأن الإدارة الأمريكية هي من أسس ما سمي «داعش» بهدف تقسيم الدول العربية ومنطقة الشرق الأوسط عموما، وذلك في كتابها «خيارات صعبة»، فإننا في الواقع أمام عامل خارجي يكسب التنظيم حيوية ضارة بحاضرنا ومستقبلنا تتطلب الإفاقة والكف عن المزايدات الطائفية وإظهار التعاطف مع التنظيم بشكل مخل وغير منطقي، فهو تنظيم مصنوع لأغراض محددة، ومن عدم الإنصاف الذاتي التعاطف معه بغفلة عن الأهداف النهائية له، خاصة وأن العنف الذي يمارسه لا يتسق مع دين أو قيم إنسانية، وتوحشه مطلوب بشكل وظيفي لا يمكن أن يعتقد بصحته إلا غافل وسطحي مختل، إنه أشبه بمكونات أفلام الخيال العلمي الهوليوودية التي تنتج أشباحا عدمية تمارس رذيلة القتل للمتعة وباسم الدين لأنه يساعدهم في الاستقطاب والتجييش، لتصبح المشكلة ليست في التنظيم بقدر ما هي في أولئك الغافلين الذين ينتهون الى تصديق ما يرون ويذرفون الدموع في نهاية المشهد.