لم يهدأ اللغط حول "الكادر الصحي" منذ إقراره عام 1430 هجرية في عهد وزير الصحة السابق معالي الدكتور عبدالله الربيعة، والذي قال عنه رئيس لجنة الشؤون الصحية بمجلس الشورى: "انعكس سلبًا على أطباء المستشفيات المتخصصة، وأجبر عددًا ممن يحملون تخصصات نادرة إلى البحث عن بدائل كالعودة الى التدريس في الجامعات، والتحويل الى القطاع الخاص" مشيرًا إلى أن الكادر "قلل من عطاء الأطباء في المستشفيات" (المدينة 4 مارس 2014)، كما تناول المجلس في الجلسة (51) هاجس الاستقالات بين العاملين في مستشفى الملك فيصل التخصصي نتيجة تطبيق الكادر الصحي. ومن أبرز النقاط الكارثية في الكادر الصحي الجديد: - ضعف الراتب الأساس مقارنة بدولٍ خليجيةٍ مجاورة، فضلاً عن تجميده لسنوات طويلة مُقبلة. - إقرار بدلات (ندرة، إشراف، تميّز، عدوى) لتعويض ضعف الراتب، وانتشار المحسوبية المقيتة، ومجافاة المنطق والحكمة عند إقرار بدلات النُّـدرة واعتبار بعض التخصصات النادرة فعلا ضمن المجموعة "غير النادرة"، إضافة إلى تعطيل صرف بدلات العدوى لمعظم مستحقيها من الإداريين وطواقم التمريض والأطباء. - الكادر لم يتفهّم صعوبة وخطورة التخصصات الطبية على الرغم من اختلاف مستويات المسؤولية وتفاوت رسوم التأمين ضد الأخطاء الطبية التي تحددها خطورة التخصص والعمل، مما تسبب في انتشار الغبن وسوء التقدير، وعزوف كثير من الأطباء المتدربين عن الانخراط في تخصصات مهمة ونادرة، فليس هناك ما يحفّز على تحمّل المشاق والخطر. - يفتقر الكادر الصحي للأمان الوظيفي، حيث لا تُـحتسب البدلات في الراتب التقاعدي، وهي تشكّل قريبًا من ثُلثي الراتب الشهري (بدلات تفرّغ، ندرة، إشراف، تميـّز، سكن، نقل) ليصبح الطبيب بعد تقاعده في وضع مالي "يصعب على الكافر"!. من الواضح أن إحباط الممارسين الصحيين وتأخر مستحقاتهم، وتجميد رواتبهم لسنوات مقبلة، والمفاضلة على أساس مزاج "المدير" والولاءات الشخصية، وتأخر صرف البدلات، تسبب في خيبة أمل وموجة استقالات وهجرة كفاءات وتدهور الخدمات الصحية بشكل غير مسبوق، نتيجة سلّم رواتب أساء لكثير من أبناء الوطن، ولم يحقق رؤية ولاة الأمر في تحسين الأوضاع المهنية للممارسين الصحيين، مما يستدعي مراجعة عاجلة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، ورفع الظلم عن الكفاءات الصحية الوطنية. abkrayem@gmail.com