مبروك يا معالي الوزير وجعل الله وزارة التخطيط بقدومكم دار سعد عامرة بإعادة الروح الى الأهداف الثلاثة لخطتنا الأولى (التنويع، والتوظيف، والنمو). أما بعد: لا شك أننا جميعنا (حكومة وشعبا) متفقون على أن العمل الوحيد الذي وُجدت وزارة التخطيط من أجل القيام بأدائه هو تحقيق أهداف خططنا التنموية. وكذلك متفقون أيضا على أن أهم أهداف خططنا التنموية هو هدف ايجاد مصدر معيشة مستدام يعوّضنا عن دخلنا (معاشنا) الحالي – غير المستدام – من البترول. كذلك نحن نعرف – حتى لو تجاهلنا – أنه من المستحيل أن يكون أي مصدر للدخل مستداما إذا لم يكن بإنتاج أيادي أبناء الوطن فيتحقق تلقائيا في نفس الوقت الهدف الثاني من الخطة وهو توظيف المواطنين والقضاء على البطالة أم الكبائر (الفقر، والجريمة، والخروج على المجتمع). لكن الشيء الذي اتفقنا على ان لا نتفق عليه هو مقدار ما حققناه من أهداف خطتنا الأولى التي بدأناها منذ أربعين سنة فالبعض منا (معظمهم داخل صندوق المسؤولية) يقولون اننا حققنا التنويع والتوظيف والتنمية ويستشهدون بإحصائيات وزارتكم المصونة. بينما البعض الآخر (معظمهم من الأكاديميين وأصحاب الرأي) يذهبون مذاهب شتى فالبعض يرددون كلام المسؤولين بحذافيره، والبعض الآخر وهم السواد الأعظم يقفون في الوسط بين.. وبين. لكن لا زال يوجد أقلية القلة (وأنا منهم) يقولون ان ما نراه من المظاهر الخلاّبة ستزول – كالسراب الخدّاع – بمجرد انقطاع ريال البترول عنها. أنا الآن سأدافع (أُبرّر) عن رأي أقلية القلة ومن حق كل رب (ذي) رأي مخالف لرأي اقلية القلة أن يدافع عن رأيه بالطريقة التي تؤيد رأيه بعيدا عن التشنج. سنناقش تحقيق الأهداف الثلاثة على مهل كما ينصح أهل الطائف ضيوفهم بأكل حبّات البرشومي حبّة...حبّة: أولا تنويع الدخل: الذين يقولون اننا حققنا التنويع يقومون بتكرار حساب ريال البترول عدة مرات وهذا مخالف لمبادئ حسابات الناتج القومي الذي يتكوّن من: الانفاق الحكومي، وإنفاق القطاع الخاص (الاستثمار)، وإنفاق العوائل (الاستهلاك)، وفائض الميزان التجاري (الصادرات ناقص الواردات). فكلنا نعرف ان الريال الذي تنفقه الحكومة يأتيها من البترول. ونعرف ان الريال الذي ينفقه القطاع الخاص يأتيه من الريال الذي تنفقه الحكومة أي أنه ريال البترول. وكذلك نعرف ان الريال الذي تنفقه العوائل يأتيها أيضا من الريال الذي تنفقه الحكومة أي أنه أيضا ريال البترول، ومن المسلم به (وفقا لمصلحة الاحصاءات) ان فائض ميزاننا التجاري يأتي جميعه من صادراتنا للبترول. فتصوروا لو ان وزارة المالية توقّفت في سنة من السنوات عن صرف ريال البترول فسيتوقف بدوره تلقائيا جريان الدم (ريال البترول) في مجرى شرايين كل من القطاع الخاص والقطاع العائلي. وهكذا ينخفض ناتجنا القومي بكامله ليصبح فقط بمقدار فائض ميزاننا التجاري. ثانيا التوظيف: الذين يقولون اننا حققنا هدف التوظيف يتجاهلون اننا اخترعنا مسميات مبتكرة للتوظيف مثل وظائف خليها علينا (تحميل الحكومة نصف الراتب) ووظائف خليك في البيت (الوهمية) ووظائف احتراف البطالة (حافز واخوانه) كل هذه الوظائف ستزول بمجرد انقطاع ريال البترول. ثالثا التنمية: الذين يقولون اننا حققنا النمو فإنهم يستشهدون بأن مدننا تكبر (تنمو) وشوارعنا تتسع وعمائرنا تطال عنان السماء ولدينا أكبر الجسور والكباري وأكبر مشاريع التحلية. نعم حقا كل شيء لدينا يكبر (ينمو) فاذا كانت التنمية تقتصر على الأكبر فنحن حققنا الهدف. لكننا نسينا ان كل هذه الاشياء الكبيرة تحتاج لتكاليف صيانة كبيرة أكبر من تكاليف انشائها فمن اين نصونها عندما يختفي ريال البترول. الحل واضح هو: تحقيق الهدف الأول من الخطة الاولى التنويع (احلال الصناعة تدريجيا مكان البترول كمصدر للدخل).