ربما يكون رأيي مخالفا لمعظم الآراء والانطباعات عن حلقة الأستاذ داود الشريان مع خالد المولد التي طغت على الأخبار الإعلامية ومواقع التواصل الاجتماعي، بعد أن تم الترويج لها بشكل مكثف قبل بثها وتمديد الوقت المخصص لها بشكل استثنائي. بعد مشاهدة الحلقة وإعادة التأمل في تفاصيل ما قاله المولد وتركيبة شخصيته ومستوى تفكيره يتضح أنه لم يكن يستحق تلك الإثارة؛ لإنه لا يشكل أهمية خاصة في الفكر التكفيري والإرهابي ولا خطورة حقيقية كبيرة رغم تهديده بقتل كل من يراه مخالفا لرأيه ولا ينكر المنكر بحسب فهمه الساذج للمنكر. خالد المولد شخص لم يحصل على أقل القليل من التعليم وعاش حياة هامشية في أسرة متواضعة، أدمن المخدرات وحاول الخروج منها بالانتقال إلى تطرف آخر يعتقد أنه يمسح ذنوبه ويطهره من آثامه، ولأن الالتحاق بالجهاد يراه أمثاله الحل السحري، فقد تخبط في مجاهل أفريقيا، وعاد ليدمن مرة أخرى، ثم يعود للأفكار المتطرفة لتمضي حياته مراوحة بين النقيضين، ولا شك أن تأثير مخدر الحشيش لفترة طويلة عليه نتج عنه اضطراب نفسي شديد جعله يصل إلى هذه المرحلة. مثل هذه الشخصية التي تقترب من الأمية في تعليمها وثقافتها وحياتها المنخورة بالمخدرات واضطرابها الاجتماعي لا تمثل قطبا مهما في عالم الإرهاب؛ لإنها غير مؤهلة لأن تكون قيادية في التنظير والتنفيذ. مثل هذه الشخصيات لا تعطى لها سوى مهام هامشية؛ لكنها عالية الصوت لتمثل فرقعات تهديد لا أكثر. كل المشكلة التي كان يتمحور حولها خالد المولد كانت مسألة القبور في الحرم النبوي، وكلما خرج منها قليلا عاد إليها بشكلٍ كاريكاتوري مضحك ومحزن أيضا. لم تكن لديه قضية استراتيجية لها بعد سياسي أو ديني مهم، وبالتالي لم يكن يستحق كل ذلك الوقت الذي أعطاه داود، بل لم يكن يستحق الاستضافة أساسا. فعندما نريد فعلا تشريح الفكر التكفيري الإرهابي الحقيقي، فليس خالد المولد هو النموذج المناسب، وإنما الكبار الذين يمثلون الأقطاب والرموز، الظاهر منهم والذي ما زال يحاول المراوغة والتخفي. إذا كنا نريد فعلا الوصول إلى جذور المشكلة، فلنبحث عن غير خالد المولد.