تأتي وجاهة قولي هذا اليوم بعدم إمكانية اجتماع آراء الناس على خطأ، من كثرة المقالات المحلية التي رأت أن مسألة كشف أسباب، ومن تسبب في كارثة سيول او انهدام مبان، وأن ظهورها للعلن متوان إلى أن يُقيض له ويُنسى وأن الناس تتساءل عن أمور ربما أعطت الأخيار من المسؤولين تلميحا أو تصريحا عمن تلاعب وخان وغش وخدع وسرق هذا البلد الطيب المتسامح. صحيح أننا قد لا نستعيد النفوس التي ذهبت، أو تجبير الضرر والعطل، أو استعادة الخسائر، فقد ذهبت وقد قيل: نفسي التي تملك الأشياء ذاهبة فكيف أبكي على شيء إذا ذهبا ونعلم أن أمورا يكتنفها الكثير من التعقيد العملي والقانوني والفني تأخذ من الزمن الكثير. وأرى أن رغبة الأمة في معرفة المفسد هي – على الأقل - عزله حتى لا تمتد يده لارتكاب مآس وكوارث أخرى، ثم إجلاء فنيات الحالة حتى لا تتكرر. ولم أسمع شيئا منذ زمن عن الطريقة التى تُتخذ لعلاج كوارث وفاة مدرسات ذهبن ليؤدين واجبا وطنيا في مناطق بعيدة من بلادنا. نسمع عنها ونترحم عليهن ثم ننسى حتى ذكراهن. أختار من بين مشاهداتي التلفازية أن أتابع برنامجا اسمه (ما قبل الكارثة) تبثه قناة علمية بحتة اسمها (ناشو نال جيوغرافيك) ويتناول موضوع كل حلقة حادثة جوية أو بحرية أو إنشائية. والساعة الواحدة منه يجري إعدادها في سنة أو أكثر، تصويرا وإخراجا وترجمة وتحريرا.. والمتابع سيجد أكثر من هيئة قانونية وفنية تفحص برغيّا جرى التقاطه من حطام طائرة رُفعت وجمّعت أجزاؤها من أعماق البحر، أو بقعة عريضة من الأرض انتشر فيها حطام الطائرة. ويُصار إلي إرساله إلى أكثر من مختبر وهيئة علمية وشركة صانعة، لأن الشبهة تدور بأن ذاك اللولب يجب أن تكون حالته أقوى ليتحمّل العمل في ذاك الجزء من الطائرة. وقد لا يكون الأمر متعلقا بلولب، قد تكون الحالة تتعلق بغطاء فتحة تهوية أسلاك فيها خطأ تصنيعي يجعلها غير قادرة على إمداد أسلاك جهاز التوجيه بالبرودة اللازمة. وعندما يجأر أهلنا بالشكوى من بطء نفاذ الأوامر العليا في أمور تتعلق بسلامة الناس فلن نجد من لا يتفق معهم بأنه ما لم يتحرّ المخلصون عن عوامل وبؤر الفساد والتلاعب فإن الأمر سيذهب إلى مآس مؤلمة.. وأبعد. لمراسلة الكاتب: aalthekair@alriyadh.net