أصدر الرئيس الجزائري الأحد قراراً بإجراء تغييرات واسعة وفورية في قيادات المؤسسة المالية والاقتصادية الحكومية. ولم يقدّم بيان الرئاسة تفاصيل بشأن المناصب المزمع تغيير رؤسائها إلا أن معلومات مسربة أشارت إلى شركة البترول الحكومية العملاقة "سوناطراك" التي لاتزال تعاني من شغورٍ في قيادتها عقب اتهام رئيسها السابق بالفساد ومن ثم إقالته. كما ذكرت الشائعات أن التغييرات ستطال مدير عام الجمارك الذي سيعيّن على رأس شركة الخطوط الجوية الجزائرية خلفا للرئيس الحالي الذي تواجه مؤسسته حالياً مشكلات تتصل بسوء الإدارة. وكان عبدالعزيز بوتفليقة قد أقال في وقت سابق وزير الطاقة والمناجم الذي لم ينجح في التعاطي مع احتجاجات الغاز الصخري في الجنوب فضلا عن تراجع أداء قطاعه المتأثر بسلسلة فضائح الفساد التي شهدتها الشركة والتي تشمل رُشىً وإبرام صفقات مخالفة للقانون بغرض إعطاء امتيازات غير مبررة للغير مسّت بسمعة المجموعة لدى المستثمرين الأجانب. و دفع وزراء آخرون ثمن ورود أسمائهم في قضايا الفساد التي تعرض في المحاكم مثل وزير المالية الذي ذُكِر اسمه في قضية بنك الخليفة المعروضة أمام القضاء حاليا. كما اقترنت أسماء آخرين بقضايا فساد مثل وزير الموارد المائية (نَفّع أقاربه من عقارات زراعية دون وجه حق) أو وزيرة الثقافة التي اتهمتها زعيمة حزب سياسي بالفساد في إطار صفقات "قسنطينة عاصمة الثقافة العربية". ولم تتوقف تحليلات المراقبين عن التأكيد أن بوتفليقة يرغب في إنهاء عهدته الرئاسية الرابعة في صورة الرئيس الذي أشهر سيفه في وجه الفساد. مع أن كبريات ملفات الفساد فُتحت خلال فترة حكمه. بل إن المتهمين فيها بعض أقرب رجالاته على غرار وزير الطاقة السابق (قضية سوناطراك) أو وزير السياحة الحالي (قضية الطريق السيار شرق- غرب) أو وزير المالية السابق محمد جلاب (قضية بنك الخليفة). وتبدو مشكلات الفساد هي التي تقف خلف مطالب المعارضة برحيل الرئيس بوتفليقة وبتنظيم انتخابات رئاسيات مسبقة تنهي حالة الشغور غير المعلنة لمنصب الرئيس بسبب توعك بوتفليقة الصحي. وتعتقد المعارضة ممثلة في "هيئة التشاور والمتابعة" - التي تضم كبريات الأحزاب السياسية - أن توعك الرئيس وتواريه عن الأنظار، وتركه تسيير الشأن العام لمحيطه القريب ممثلا في شقيقه الأصغر سعيد بوتفليقة، هو ما قاد إلى "تغوّل" المفسدين وتنامي المال الفاسد ودخوله السياسة.