اليوم يسدل الستار على عام هجري مضى بكل ما فيه من نجاحات أو إخفاقات، وانقضت أيامه ولياليه بكل آلامها وأفراحها. عام جديد يمثل لنا نقطة هامة لمراجعة شاملة لكل ما أنجزناه وما لم ننجزه نحدد فيها مكامن النجاح وجوانب القصور التي رافقت حياتنا العلمية والعملية طوال مسيرة عام بأكمله، فتقلب الأعوام والأيام فرصة سانحة للمراجعة ووقفة لمكاشفة النفس ومحاسبتها، فلوم النفس ومعاتبتها على أخطائها فضيلة في الاعتراف بالأخطاء والنقائص مع ما يصاحبها من تقويم وإصلاح. في استهلال عامنا الجديد ينبغي على الجميع أن يقدم لنفسه في أوله كشف حساب دقيق عن العام المنصرم فلابد أن تثير مع نفسك سيلا هادرا من الأسئلة وأنت تغادر هذا العام.. لماذا؟ وكيف؟ فمشاعر العام المنصرم ينبغي أن لا تظل داخلك أو معك ولا تحملها وأنت على أعتاب الدخول إلى العام الجديد، حتى لا تصبح عبئاً عليك تستمتع بلوم نفسك وأنت تواصل حملها. اسأل نفسك هل تحققت أهدافك وطموحاتك، أم أنها كانت مجرد تخطيط على الورق، وأمنيات لم تلامس الأرض؟ هل سنحت لك الظروف بتحقيق أحلامك وقطفت تلك الثمار الناضجة التي عملت لأجلها طوال عام بأكمله أم أنها بقيت على الأشجار ولم تتمكن من تناولها؟ هل أتممت وأنجزت ما قد نويت وابتدأت.. أم استسلمت للتحديات والعراقيل؟ فإذا وجدت حياتك في العام الماضي لم تحقق ما كنت تحلم به، اعترف لنفسك بكل شيء ولماذا لم تتحقق.. ضع لنفسك تصورات جديدة واستراتيجيات ناجحة تساعدك على تحقيق ما تصبو إليه مستخدماً العام الجديد كفرصة جديدة ليتحول إلى نجاح وعجزك إلى قوة وإثمار. يحتاج الواحد منا أيضا في بداية العام الجديد، أن يجلس جلسة صريحة مع نفسه، لا يجامل فيها ذاته، إنما يتفحص فيها تقويم حياته بكل قصور في تحقيق الأهداف، ليرى كيف تسير أموره، وإلى أي مصير تؤول؟ يراجع فيها أعماله وإنجازاته وأهدافه ونجاحاته وإخفاقاته ونقاط قوته وضعفه وواجباته ومدى أمانته في عمله، ونقاء أفكاره وطهر مشاعره وتصرفاته وعلاقاته مع الآخرين، ودراسة العوائق التي وقفت أمامنا خلال السنة الماضية وحالت دون تحقيقنا لأهدافنا. والمهم في العام الجديد، أن يكون جديدا في أسلوب حياتنا وأهدافنا وخططنا واستراتيجيتنا واستعداداتنا وهممنا وطموحاتنا وآمالنا، وتعديل سلوكياتنا، وتعزيز سبل النجاح لمضاعفته في العام الجديد، وليس في مجرد تقليب صفحات التقويم والذهاب مع الأيام من تاريخ إلى تاريخ، لكي نشعر أن حياتنا قد تغيّرت إلى الأفضل، سواء الظاهر منها في أعمالنا ومعاملاتنا وتصرفاتنا، أو فيما يخص نوايانا وأفكارنا... وكيف سنمضى ونتخطى العراقيل في المستقبل؟ وما الأدوات التي قد نحتاجها لتساعدنا على المضي في طريقنا بنجاح للوصول لأهدافنا وتحقيق كل ما نصبو إليه هذا العام؟ نحن بحاجة إلى أن نضع لأنفسنا خطة عملية قابلة للتنفيذ تشمل علاقتنا مع الله والناس ومع أنفسنا، بحيث تقودنا إلى حياة أفضل. إنني عندما أدعو للوقوف للمحاسبة مع الماضي فإنني لا أدعو أن يأخذ استحضار الماضي المكرر جل وقتنا بآلامه وهزائمه وإخفاقاته، ولحظاته التي توقف عندها الزمن، ولكن أن نستمد منه الفرصة لإعادة ترتيب الأوراق ورسم الخطط لحاضر أيامنا لبدء عام جديد، يحدونا فيه الأمل، وتزداد تطلعاتنا إلى مستقبل أفضل مما نحن فيه.