تُعدُّ «الكبسة» الوجبة الأشهر وطبق الطعام المُفضَّل طوال أيام العام لدى العديد من أفراد المجتمع، وقد لا تغيب هذه الوجبة عن مائدة الأسرة إلاّ نادراً، ممَّا جعلها لا تغيب أيضاً عن مائدة كثير من الأسر في شهر رمضان المبارك، خصوصاً على وجبة السحور، وعلى الرغم من هذا الانتشار الواسع والحضور اللافت للكبسة على مائدة السحور، إلاَّ أنَّ هناك محاذير طبية تشير إلى أنَّها غالباً ما تكون مشبعة بالدهون الثلاثية وغيرها من المواد والإضافات التي قد تؤثر بشكل سلبي على صحة الإنسان. «الرياض» التقت بمجموعة من أفراد المجتمع السعودي ومختصين في الشأن الصحي، فكانت آراؤهم متباينة حول هذا الموضوع. وجبة أساسية وقال فهد الحربي: «إنَّ كبسة السحور وجبة أساسية على مائدة السحور لدى كثير من أفراد المجتمع في المملكة، بل إنَّ هناك حرصا كبيرا عليها، سواءً في شهر رمضان أو غيره من شهور العام»، مُضيفاً أنَّ الثقافة الصحية عن أضرار الكبسة المُضاف إليها بعض النكهات غائبة عند البعض، موضحاً أنَّ هناك بدائل للكبسة إلاَّ أنَّها قد تكون محدودة، على الرغم من وجود وجبات صحية ومناسبة لجميع الفئات والأعمار. معدلات السمنة وأكَّد ماجد العسيري تميّز وجبة كبسة السحور عن غيرها من المأكولات، مُضيفاً أنَّها تأتي في المرتبة الأولى بين أصناف المأكولات لدى أفراد المجتمع في المملكة، داعياً لتوعية أفراد المجتمع بمنافع ومضار كبسة السحور، خاصةً حينما ينام الشخص مباشرة بعد تناولها في وقت متأخر، مُشيراً إلى أنَّ كبسة السحور من الأشياء الأساسية التي يحبذها أفراد المجتمع، بيد أنَّه ينبغي أن يكون هناك بدائل لهذه الوجبة. وأيَّده الرأي عادل النفيعي، مُشيراً إلى أنَّ معدلات السمنة في المجتمع أصبحت ملحوظة، مُضيفاً أنَّ الكبسة سبب من أسباب هذا الداء المستشري بين كثير من أفراد المجتمع، موضحاً أنَّ الدور التوعوي مطلوب في هذا الجانب، وأنَّ كبسة السحور عند البعض لها أهميتها وأصبحت واقعا مشهودا ولها نكهتها، وأن يعي المجتمع أنَّ كبسة الرز حسب الرأي الطبي لا تخلو من مواد دهنية وسكرية ربَّما تكون لها أضرار على الصحة لبعض الأشخاص. ورأى تركي المخلفي أنَّ تناول وجبات السحور الخفيفة ضرورية للصحة، وتقوم مقام وجبة كبسة السحور المعتادة، مطالباً بدور توعوي من المختصين الصحيين لتبيان الفروق والمناسب فيما هو صحي وسليم للجسم، مُبيِّناً أنَّ شهر رمضان المبارك تتنوع فيه المأكولات، ومن يريد المحافظة على صحته عليه اختيار ما يناسبه بالابتعاد عن المأكولات التي تسبب أضرار للصحة. مُنكِّهات للطعام ولفت عبدالله الشريدة - خبير تغذية - إلى أنَّ تناول الكبسة على السحور لا يوجد به مشكلة، متسائلاً: «لكن ماذا عن كمية الدهون الموجودة فيها، ونوع اللحم، وكمية الملح؟»، مُضيفاً أنَّ تناول كبسة الرز بحد ذاته لا يوجد بها خطورة على الصحة، لكنَّ المشكلة هي في كمية الدهون والأملاح التي لها ضرر على مرضى الضغط، محذراً من استخدام مادة اسمها أحادي الصوديوم في الأكل، وهي ما تسمى أيضاً الماجي الابيض، وهي عبارة عن مُنكِّهات للطعام. وأضاف أنَّ تلك المادة تتسبب في رفع ضغط الدم إلى جانب تأثيرها السلبي على الكلى، وقال: «مريض الضغط يأخذ الأكل حسب ضغطه إذا كان الضغط عاليا أو عاليا جداً فإنَّ الأكل الذي يناسبه هو المسلوق بدون ملح ودهن، وإذا كان الضغط تحت الكنترول فيأخذ المريض العلاج ويصبح طبيعيا، وأمَّا بالنسبة لمريض السكر فيُحبذ أن تكون الكبسة المعمولة بمرقة اللحمة أو الدجاج قليلة الدهن والملح. وأوضح أنَّ مريض السكر الذي يتناول الإنسولين ونسبة السكر عنده ليست عالية فإنَّه لا يُحرم من الكبسة لمجرد أنَّه مريض سكر، مبيناً أنَّ هناك مرضى للسكر وزنهم خفيف ليسوا بحاجة لما نسميها بالحمية المركبة، وأنَّ المريض المصاب بالسكر والضغط والسمنة بحاجة لحمية مركبة وأن يكون تناوله لوجبة الرز لا تزيد على (110) جرام للوجبة، وتكون قليلة الدهن والملح، لافتاً إلى أنَّ المشكلة تكمن في الدهون ومن ثمَّ الملح، مشيراً إلى أنَّ طريقة الطهي أهم بكثير من نوعية الأكل في الحمية. عطش شديد وحول العادات السلبية التي يعتاد عليها البعض، وهي أكل الدسم قبل النوم، قال الشريدة: «أساساً أكل الدهون ومن بعدها، فإنَّ المخ في هذه الحالة يستسلم لذلك، فالدهون تحتاج إلى هضم شديد ممَّا يُسبب نزول كمية من الدم من الدماغ طبيعي للمعدة من أجل عملية الهضم، الأمر الذي يؤدي إلى نوع من التخمة، وأكثر الضرر على الصائمين يكون في العطش الشديد وجفاف الريق بعد الاستيقاظ من النوم، وهذا العطش أساسه يكون من الملح الموجود أصلاً في الأكل». وحذَّر من تناول شوربة «ماجي» المضاف إليها مادة تُسبِّب العطش وتناول الشوربة الطبيعية «كويكر» وغيرها بدلاً من ذلك، مُضيفاً أنَّه من المستحسن تناول «ماجي» في وقت الإفطار في رمضان بدلاً عنه في السحور؛ حتى لا يكون هناك عطش للصائم، خصوصاً في ظروف فصل الصيف، كما حذر من استخدام المواد المضاف لها ملح الليمون باعتباره إضافة كيماوية وله خطورته على الكلى والعيون والشرايين وعلى المصابين بضغط الدم. ودعا لتثقيف أفراد المجتمع وتوعيتهم بكيفية التعامل مع المواد الغذائية والمحافظة عليها للنفع وليس للضرر، وكيفية منع الإضافات الكيماوية حتى لا تتأثر بها الصحة، كما حذَّر من تناول العصائر المضاف لها نكهات، ومن الملح الأبيض الذي تتسبب زيادته في الأكل إلى انفجار شرياني داخل العين أو مشاكل في الشرايين الرقيقة أو نزيف للأنف أو إلى مشاكل صحية في شرايين مخ الإنسان، مؤكِّداً أنَّ هناك حالات فشل كلوي حصلت بسبب الاستهلاك الكبير للملح الأبيض. أحماض ثلاثية ونصح د. صالح الجاسر - استشاري أمراض السكري والغدد الصماء بمدينة الملك عبدالعزيز الطبية في الحرس الوطني، ونائب رئيس الجمعية السعودية للغدد الصماء والسكري، ومدير برامج السكري بالحرس الوطني - مريض السكر بتأخير تناول وجبة السحور، إلى جانب تناول الوجبات النشوية أو الغنية بالكربوهيدرات المركبة الموجودة في خبز البر ومشتقاته؛ وذلك لبطء امتصاصها على الجسم، بدلاً من الوجبات الدسمة في الرز والمكرونة وغيرها. ودعا مريض السكر بالابتعاد عن الدهنيات قدر الإمكان، مُضيفاً أنَّ تناول الدهنيات في وجبة السحور أمر مزعج بشكل عام للمريض ولمريض السكري بوجه خاص، نظراً لما تسببه تلك الدهنيات من ارتفاع في الأحماض الثلاثية للمريض، التي ترفع من ثلاث إلى أربع مرات معدل السكر لدى الشخص مريض السكر من فترة الصيام وتكون مزعجة له، كما نصح مريض السكري بتناول وجبة خفيفة في السحور تحتوي على نشويات أو كربوهيدرات مركزة بدلاً من الدهنيات والحلويات. مرضى الضغط والسكري وحذَّر د. الجاسر من تناول الكبسة الدهنية ذات السعرات الحرارية العالية والسكريات المرتفعة، مُشيراً إلى أنَّه يجب على مرضى السكري والضغط بوجه عام خلال شهر رمضان المبارك الابتعاد وعدم الإكثار من الدهون وعدم تناول الوجبات الدسمة والحلويات، كما أنَّ على مريض الضغط بوجه عام الابتعاد عن الدهون وعن المواد التي فيها أملاح زائدة، كالسمبوسة، ناصحاً مرضى السكر والضغط بزيارة الطبيب المختص قبل شهر رمضان بفترة تترواح ما بين شهرين إلى ثلاثة أشهر. وأضاف أنَّ ذلك يعود لسببين، السبب الأول معرفة إمكانية الصيام من عدمه وأنَّه بناءً على التوصيات الأخيرة حُدِّد الأشخاص الذين من الممكن صيامهم ومن يصومون بحذر والأشخاص الممنوعين من الصيام، والسبب الثاني معرفة طريقة تغيير العلاج عند الاشخاص الممكن صيامهم، مشيراً إلى أنَّ مرضى السكر يُعدَّل علاجهم بما يتناسب ويتلاءم مع الصيام.