لا مبالغة في الحلقة الثانية من مسلسل سيلفي، التي يعرّي فيها الفنان السعودي ناصر القصبي الصورة المتوحشة لتنظيم داعش، كما يسخر من الوهم الديني والدنيوي لأعضاء هذا التنظيم المخدرين بأفكار وخيالات، أقل ما يقال فيها إنها سوريالية بكل معنى الكلمة. الحلقة، كما شاهدها الملايين، وهذه المشاهدة الواسعة هي أشد ما يؤذي داعش ،تتحدث عن رجل يصل إلى مناطق نفوذ التنظيم الإرهابي ويحاول إنقاذ ولده من براثن المجرمين، ولكن هذا الولد بالذات هو من يطلب تنفيذ قتل والده بقطع رأسه، وهذا السلوك ممكن جداً في داعش. نعم من الممكن أن يقطع الداعشي رأس والده بكل برودة واطمئنان إلى صعوده إلى الجنة ليلاقي هناك ما لا يلقاه على الأرض من نعائم ومسرّات، ومرة ثانية لا مبالغة في هذه الحلقة، فالأفكار الأرضية المشبوكة مباشرة بالسماء ،عندما تتحول إلى مخدر ،فكل شيء ممكن، وكل شيء غير مستغرب، وما تستغربه اليوم سيكون عادياً بالنسبة إليك غداً. في البداية استعمل داعش السيوف والسكاكين والسواطير في قطع رؤوس البشر في مشاهد دموية لم تشهد لها البشرية ،حتى المتوحشة منها أي مثيل، وكانت هذه المشاهد بمثابة صدمة للعالم ،حتى المتوحش منه سياسياً وثقافياً واجتماعياً.. ثم ما لبثت أن أصبحت هذه المناظر المرعبة أمراً عادياً أمام مشهد حرق معاذ الكساسبة حياً في قفص، وردم جثته المتفحمة بالتراب والحصى والحجارة. لا يمكن لعاقل ولا يمكن لبشري أن يفعل ذلك، والدين، أي دين على وجه الأرض بريء من هذا السلوك الحيواني المجرم، والتفسير الوحيد لهذا النوع من القتل هو التخدير بالفكر، أو التخدير بالعقاقير وبكل صراحة ووضوح، وفي التاريخ شواهد على سلوك إجرامي قامت به عصابات ومنظمات إنكشارية جديدة استخدمت العقاقير. داعش إثر بث حلقة مسلسل سيلفي الثانية، وجه، سريعاً تهديداً بقتل الفنان ناصر القصبي، وهو أمر ليس مستغرباً، فهذه هي شريعة الغاب بعينها، القتل ثم القتل، لكن، اللافت هنا هو شجاعة القصبي الذي أشار في أحد تعليقاته أن رمضان في أوله، ما يعني أن هناك المزيد من الحلقات التي ستفضح وتعّري شخصية هذا التنظيم الإرهابي المتوحش. فقط.. المطلوب الشجاعة في الفن.. في الفن بوجه خاص. الفن الإنساني الجماهيري الكوميدي والدرامي في رمضان وفي غير رمضان. الفن الذي يفضح ثقافة الموت والتخدير الفكري والجسدي، كما هو حال داعش.. علامة الموت الكبرى في هذا القرن الدموي الذي يتلاعب به قتلة جهلة خرجوا من الكهوف والظلام والعفن. yosflooz@gmail.com