تسعى تشيلي المضيفة إلى مواصلة مشوارها الناجح عندما تلتقي جارتها البيرو في «كلاسيكو دل باسيفيكو» اليوم في نصف نهائي بطولة كوبا أميركا لكرة القدم. ومواجهة اليوم ليست مجرد مباراة في كرة القدم.. هكذا يتجاوز ملايين من مواطني بيرو حاجز الرياضة عندما ينظرون إلى مباريات منتخب بلادهم مع نظيره التشيلي حيث يرى كثيرون أن اللاعبين في هذه المواجهة بمثابة تكرار لصورة الجنود الذين شاركوا في حرب «المحيط الهادي» بين بيرو وتشيلي خلال الفترة من 1879 إلى 1883. ورغم مرور 132 عاما على انتهاء هذه الحرب، يتطلع الجميع إلى موقعة كروية حامية الوطيس بين المنتخبين في المربع الذهبي لكوبا أميركا. ويعتبر خبراء اللعبة هذه المواجهة من أكثر عشر مواجهات تنافسا في العالم ويصفونها بلقب «كلاسيكو المحيط الهادي». وتسيطر الأجواء الحماسية في بيرو بدرجة كافية لجعل هذه المباراة مرتبطة بالحرب التي وقعت قبل عقود كثيرة وأسفرت عن فقدان بيرو لجزء من ساحلها على المحيط. وتقام المباراة وسط أجواء دبلوماسية متوترة بين البلدين بسبب ما تعتبره تشيلي مساندة من بيرو لبوليفيا في الصراع الحدودي للأخيرة مع تشيلي. وتنفي بيرو هذا وتؤكد أنها ما زالت على الحياد. وهذه ليست المرة الأولى التي يحدث فيها هذا التوتر الدبلوماسي بين البلدين لأنه رغم التقارب الهائل بينهما في السنوات الماضية، كانت هناك دائما بعض الأسباب السياسية لعدم الثقة بينهما. وخاض المنتخب البيروفي فعاليات النسخة الحالية من كوبا أميركا وسط توقعات متواضعة بل إنه سافر إلى تشيلي وسط نغمة عالية من السخرية والتهكم من قبل مشجعيه الذين توقعوا فشلا هائلا للفريق لكنه بقيادة مديره الفني الأرجنتيني ريكاردو جاريكا خاض منافسات الدور الأول بصلابة فبعد أن خسر بصعوبة أمام البرازيل 1 - 2 في الدقيقة الأخيرة استعاد منتخب بيرو اتزانه سريعا وحقق الفوز على فنزويلا 1 - صفر وتعادل سلبيا مع نظيره الكولومبي ليحتل المركز الثاني في المجموعة الثالثة ويحجز مقعده بجدارة في دور الثمانية الذي شهد فوزا كبيرا ومستحقا 3 - 1 على نظيره البوليفي، وبهاتريك لنجم بيرو المخضرم باولو غيريرو. وخاض منتخب البيرو ربع النهائي للمرة السابعة على التوالي، ووصل في النسخة الماضية إلى نصف النهائي قبل أن يخسر أمام الأوروغواي ويحل ثالثا، علما بأنه أحرز اللقب عامي 1939 و1975. وتضم البيرو في صفوفها لاعبي خبرة مثل باولو غيريرو وجيفرسون فارفان وكلاوديو بيتزارو. ويؤمن لاعبو منتخب بيرو المفعمين بجرعة كبيرة من الثقة بأن لديهم القدرة على الإطاحة بأصحاب الأرض من كوبا أميركا. وقال غيريرو: «علينا أن نبقى هادئين، ستكون مباراة جميلة.. لندع الناس تقول: إن تشيلي هي المرشحة للفوز، ونحن سنلعب بالطريقة التي اعتدنا عليها». واتفق غيريرو مع رفاقه في منتخب بيرو على أن عنصري الأرض والجمهور لمنتخب تشيلي يمثلان صعوبة إضافية. وقال زميله بيتزارو: «لنأمل ألا يتأثر الحكم بالجماهير، لا أعرف إذا ما كان ذلك قد حدث خلال مباراة تشيلي وأوروغواي، لا يمكنني قول ذلك، أتمنى فقط ألا يحدث ذلك أمامنا». وقال ريكاردو جاريكا مدرب البيرو بعد التأهل إلى نصف النهائي: «يتعين علينا تحليل أسلوب لعب منتخب تشيلي الذي أكد بأنه أبرز المرشحين لإحراز اللقب بعد أن قدم عروضا لافتة منذ بداية البطولة». ويبدو منتخب تشيلي الأفضل في الأعوام الأخيرة حيث نجح في التأهل إلى كأس العالم في النسختين الأخيرتين وبلغ دور الـ16 في مونديال البرازيل الصيف الماضي، في حين أن منتخب البيرو لم يبلغ المونديال منذ 1982. وينتظر منتخب تشيلي تقرير اللجنة التأديبية في اتحاد أميركا الجنوبية التي فتحت تحقيقا ضد لاعبه غونزالو خارا بسبب حركة غير أخلاقية قام بها تجاه مهاجم الأوروغواي أدينسون كافاني في ربع النهائي. وسيصدر قرار اللجنة قبل مواجهة البيرو حيث يواجه خارا عقوبة الإيقاف من مباراة إلى ثلاث مباريات. وقام خارا بحركة غير أخلاقية حيث أقدم على استفزاز كافاني بغرس إصبعه في مؤخرة الأخير مما أثار غضبه ليرد بدفعة خفيفة في الوجه مما أسفر عن طرد المهاجم الأوروغوياني، في حين أكمل خارا المباراة ليستغل منتخب تشيلي تفوقه العددي في آخر نصف ساعة من المباراة ويحقق الفوز ويتأهل للمربع الذهبي. لكن اللجنة قررت النظر في القضية بعد مشاهدة لقطات الفيديو. وقد حجزت تشيلي مقعدها في الدور نصف النهائي للمرة الأولى منذ 1999 بعد أن جردت الأوروغواي من اللقب بالفوز عليها 1 - صفر الأربعاء الماضي في دور الثمانية. وتدين تشيلي بتأهلها إلى دور الأربعة إلى ماوريسيو ايسلا الذي سجل الهدف الوحيد في الدقيقة 81 من المباراة التي أكملتها الأوروغواي بتسعة لاعبين بعد طرد المدافع خورخي فوسيلي في الدقيقة 88 إضافة إلى كافاني في الدقيقة 63. وتبدو الظروف ملائمة أمام تشيلي للوصول أقله إلى النهائي للمرة الأولى منذ 1987 والخامسة في تاريخها ومحاولة الفوز بلقبها الأول. وقدم منتخب تشيلي أفضل أداء حتى الآن في كوبا أميركا حيث سجل 11 هدفا خلال أربع مباريات، مقابل أربعة أهداف فقط سكنت شباكه. وتثير الأرقام والإحصائيات إلى أفضلية واضحة لمنتخب تشيلي على البيرو ففي نحو 17 مباراة بين الفريقين، فاز منتخب تشيلي في 11 منها وخسر 5 فقط مقابل تعادل واحد. وكانت من أبرز هزائم منتخب بيرو في مواجهاته مع تشيلي صفر - 4 في عام 1997 في الجولة الأخيرة من تصفيات كأس العالم والتي حرمت الفريق من بلوغ مونديال 1998 بفرنسا. وخلال زيارته إلى تشيلي لخوض هذه المباراة، واجه منتخب بيرو أسوأ استقبال في تاريخ مواجهاته خارج أرضه حيث تعرض لاعبوه للاعتداءات والإهانات وهو ما واجهه لاعبو تشيلي أحيانا خلال مبارياتهم في العاصمة البيروفية ليما.