الأخبار التي قرأناها عن منفذ تفجير مسجد الصادق ليست جيدة أبدا، بل مقلقة للغاية من حيث طريقة تنفيذ العملية ابتداء من مغادرة فهد القباع مطار الرياض مرورا بالمنامة وانتهاء بالكويت، واستقباله واختبائه وتجهيزه ونقله إلى المسجد ليدخل ويفجر بكل بساطة، وهي مقلقة كذلك من حيث تفاصيل حياة فهد المعلنة التي لا يوجد فيها غير المغالاة في التطرف والميول المتشددة منذ سن مبكرة، ثم العزلة مع جهاز الكومبيوتر للتواصل مع المجندين. حالة فهد وتركه يتمادى في غلوه أمام مرأى العائلة والمجتمع، ومغادرته للتنفيذ بشكل عادي دون أي موانع تجعلنا إزاء وضع في غاية الخطورة. لقد اعتدنا أن يقوم بالتفجيرات أو التحضير لها أفراد من أصحاب السجل الأمني المعروف بالسوابق داخل المملكة أو خارجها، أو ممن يستتابون ويضحكون علينا بتوبة زائفة ليخرجوا ويقلبوا ظهـر المجن، هؤلاء يتخفون عادة ليقتنصوا لحظة التنفيذ المفاجئة، لكن يبدو أن غرفة عمليات الإرهاب واجهت صعوبة في تجهـيز كوادر تفجيرية من الذين تضمهم القوائم الأمنية فاتجهـوا لأصحاب السجلات الخالية من ملاحظات الأمن، وهذا تحول نوعي خطير يعني أن لدينا أفرادا لا ينتظرون سوى أمر يصدر بمكالمة هاتفية ليفزوا للتنفيذ، أي أنهم جاهزون فكريا ومستعدون للتنفيذ الفوري، ويستطيعون التحرك والسفر بحرية كاملة من المطار وعبر المنافذ لعدم وجود ملاحظات عليهم. إنها معضلة جديدة لا بد لها من حل يحيط بخطورتها المتناهية. ومن ناحية أخرى لا ندري ماذا كنا ننتظر من شاب مر بكل تلك الرحلة المغرقة في عنف التطرف، كان الجميع ينظرون إليه لكنهم لا يفعلون شيئا، ربما لأنه كان إماما لمسجد أو يتحدث عن قضايا دينية، كلهم أو معظمهم يفعلون ذلك ولو حاول أحد التنبيه لمثل هذا الوضع المريب قد تقوم عليه قيامة الاستنكار واللوم لأنه يتهم شابا ملتزما نشأ في طاعة الله. وهنا الخلط الخطير، أو بالأصح التمويه الذي يمارسه فريق الدعم اللوجستي للإرهاب. لقد مررنا بمراحل متنوعة في مسلسل الإرهاب لكن يبدو أن هذه المرحلة هي الأخطر من حيث ارتباطات كوادرها والتكتيك الجديد في اختيار الأهداف وما تنطوي عليه من فتنة لا تبقي ولا تذر إذا لم نتعامل معها بمسؤولية كاملة..