اختتمت في بروكسل الثلاثاء، اجتماعات وزراء المال والاقتصاد الأوروبيين، والتي استغرقت يومين، وجرى خلالها مناقشة برنامج عمل الرئاسة الجديدة الدورية للاتحاد الأوروبي والتي بدأتها لوكسمبورغ مع مطلع الشهر الحالي وجرى أيضا تبادل وجهات النظر حول تقرير بشأن استكمال الاتحاد النقدي والاقتصادي واعتماد التوصيات الخاصة بكل بلد من البلدان الأعضاء. وكانت الاجتماعات قد بدأت على مستوى وزراء منطقة اليورو، وجرى إعادة انتخاب الهولندي جيروين ديسلبلوم رئيسا لمجموعة اليورو لمدة 30 شهرا. وقال مجلس الاتحاد الأوروبي الوزاري إن ديسلبلوم أعيد انتخابه رئيسا لمجموعة (اليورو) لمدة عامين ونصف العام وحظي بأغلبية مطلقة من قبل دول مجموعة (اليورو). يذكر أن الهولندي ديسلبلوم قد تولى منصب رئيس مجموعة (اليورو) في عام 2013 خلفا لرئيس وزراء لوكسمبورغ جان كلود يونكر الذي يتولى حاليا رئاسة المفوضية الأوروبية. وخلال الاجتماع قرر وزراء مالية منطقة اليورو الـ19 إنشاء فريق عمل من الخبراء لبحث جميع الخيارات الممكنة لتقديم تمويل طارئ قصير الأجل لليونان، وتقديم تقرير بهذا الشأن في وقت لاحق الأسبوع الحالي. وخلال مؤتمر صحافي لرئيس مجموعة اليورو جيروين ديسلبلوم، عقب اجتماع وزراء مجموعة اليورو لمناقشة متابعة الاتفاق، الذي توصل إليه قادة المجموعة، لمنح اليونان خطة مساعدات ثالثة تنقذها من أزمة ديونها في وقت سابق، قال رئيس المجموعة: «بدأ بحث قضية تقديم (تمويل طارئ) نظرا لوجود متطلبات عاجلة». وأضاف أن «عملية التوصل إلى اتفاق كامل ستستغرق وقتا طويلا»، مبينًا أنه «إلى جانب التعقيد الشديد للقضية فلم نجد حتى الآن المفتاح الذهبي لحلها». وذكر: «إننا نبحث في عدد من الاحتمالات بيد أن هناك قضايا فنية وقانونية ومالية وسياسية يجب النظر إليها، لذا فقد كلفنا فريقا فنيا من الخبراء للنظر في ذلك وقد بدأوا بالفعل في العمل من اليوم». وأعرب ديسلبلوم عن أمله بأن يوافق البرلمان اليوناني بحلول الأربعاء على أقصى تقدير على حزمة المساعدات ككل، بما في ذلك الاتفاق الذي جرى التوصل إليه، ومن بينه العناصر الأربعة المحددة من التشريعات التي ضمنها الاتفاق. وكانت اليونان قد طلبت ببرنامج إنقاذ لمدة ثلاث سنوات. من جهة أخرى، قالت تقارير إعلامية في بروكسل، إن أكثر من نصف الألمان يدعمون خطة إنقاذ مالي ثالثة لليونان من دائنيها، من أجل بقاء هذا البلد في منطقة اليورو، ولكن هناك شريحة واسعة لديها شكوك بشأن مدى قدرة اليونان على الإيفاء بالتزاماتها وتنفيذ الإصلاحات المطلوبة، عبر إجراءات تقشفية صارمة وقال رئيس مجموعة اليورو يورن ديسلبلوم: «الآن نتحدث عن تخصيص برنامج جديد بالكامل لمدة ثلاث سنوات، وسوف يكون محورًا لكثرة تعهدات واستجابة للحاجات المالية وذلك يتطلب وقتا حتى يناقش. وقد طلبنا من المؤسسات أن تقوم بذلك في أسرع وقت ممكن، وقد يستغرق الأمر أسبوعين أو أربعة أسابيع، هكذا أرى الأمور وهناك من يعتبرني متفائلا وحسب كثير من المراقبين الأوروبيين، يلقي كثير من اليونانيين باللوم على المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ووزير المالية الألماني وولف غانغ شوبله بالتسبب في معاناة اليونان، ووقفوا ضد ما اعتبروه محاولة برلين إهانة اليونان، ورغم هذه الانتقادات فإن ثلثي الألمان تقريبا أعربوا عن رغبتهم في أن تبقى اليونان داخل منطقة اليورو. وتعد ألمانيا أقوى اقتصاد في أوروبا المانح الأكبر للقروض إلى اليونان، خلال خطتي إنقاذ مالي سابقتين. يذكر أنه بعد 17 ساعة من نقاشات صعبة بين قادة دول منطقة اليورو في بروكسل. جرى الإعلان صباح الاثنين عن التوصل إلى اتفاق يضمن بقاء اليونان في مجموعة اليورو ومساعدتها على سداد ديونها. وقال رئيس الاتحاد الأوروبي دونالد تاسك، إن الاتفاق يتضمن فتح باب التفاوض من جديد حول برنامج مساعدة اليونان ضمن إطار ما يعرف بآلية الاستقرار الأوروبية ولكن سيتم ذلك بشروط ومنها موافقة برلمانات الدول المعنية وأيضا موافقة البرلمان اليوناني على تعديلات تجعل الإصلاحات الموعودة ذات طابع قانوني. رئيس وزراء اليوناني ألكسيس تسيبراس اعتبره اتفاقًا صعبًا، مؤكدًا مواصلة معركة الإصلاحات الجذرية التي تحتاجها بلاده. وأضاف: «خضنا معركة حامية خلال ستة أشهر وحاربنا حتى النهاية من أجل الأفضل، اتفاق يسمح للبلد بالوقوف على أقدامه. واجهنا قرارات صعبة. واتخذنا قرارات صعبة لتجنب تحقيق الشروط المتطرفة لغالبية الأوساط المحافظة في أوروبا». أما المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل حذرت من أن الطريق ستكون طويلة وصعبة أمام اليونان، وصرحت: «أعتقد أننا وجدنا طرقًا وهذا ما كررت قوله سابقًا، فيها الإيجابيات تطغى بشكل جلي على السلبيات. وتتضمن المبادئ الأساسية التي اتبعناها دومًا لإنقاذ اليورو، وهي من جهة، التضامن بين البلدان ومن جهة أخرى مسؤولية البلد حيث يجب تطبيق التغيرات». أما الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، فقد أثنى على هذا الاتفاق الذي وصفه بـ«التاريخي» وقال: «تم إيجاد اتفاق كانت فرنسا تبحث عنه وتريده. وهذا الاتفاق أصبح موجودًا. إنه يسمح لليونان بالبقاء في منطقة اليورو وهذا هو الهدف وبالطبع مع احترام القوانين الأوروبية. وقال رئيس مجموعة اليورو جيروم ديسلبلوم، إن الاتفاق يتضمن تشكيل صندوق باسم ضمان سداد ديون اليونان وفيه 50 مليار يورو ومقره أثينا ويخصص نصف المبلغ لإعادة رسملة المصارف اليونانية والباقي نصفه لخفض مستوى الديون والآخر لاستثمارات تنفذها السلطات اليونانية. ورئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر، وصف الاتفاق بـ«المتوازن»، مشيرًا إلى أنه يحقق مصالح الجميع، ويؤمن استمرار اليونان داخل منطقة اليورو ويحفظ ماء الوجه لباقي الأطراف، «لن تخرج اليونان من منطقة اليورو»، وجاء كلام يونكر ليؤكد أن فرضية طرد اليونان من منطقة اليورو، التي تم تداولها طويلاً قد تم استبعادها، «لقد تضمن الاتفاق مقترح المفوضية القائل بضرورة ضخ 35 مليار يورو في الاقتصاد اليوناني لمساعدة الناس والسماح بالعودة إلى النمو وخلق فرص العمل»، أما رئيس الاتحاد الأوروبي دونالد توسك، فقد أكد أن الاتفاق ينص على فتح باب التفاوض على برنامج جديد لمساعدة اليونان، ضمن إطار ما يعرف بالآلية الأوروبية للاستقرار، وأردف: «هناك شروط حازمة للبدء بهذا الأمر أولها موافقة برلمانات الدول المعنية، وقيام البرلمان اليوناني بالتصويت على اقتراحات تشريعية لتأخذ الإصلاحات الموعودة من قبل ساسة البلاد طابعًا قانونيًا»، وأشار توسك إلى أن الاتفاق سيجنب أثينا الآثار الضارة للانهيار الاقتصادي، مشيرًا إلى وجود آلية تمويل سريع سيتم تفعيلها ومناقشتها من قبل وزراء مالية دول العملة الأوروبية الموحدة.