قبل أسابيع قليلة تم إنشاء بيت الشعر في مدينة المفرق الأردنية شمال شرقي المملكة، بمتابعة عملية من دائرة الثقافة والإعلام في الشارقة التي تتولى تنفيذ ألف بيت شعر في مدن وقرى وأرياف الوطن العربي، بتوجيه ورعاية ودعم مادي ومعنوي من صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، في مبادرة ثقافية كبرى هي امتداد عملي لمشروع الشارقة الثقافي الذي يأخذ الآن في تطبيقاته المرحلية والبعيدة المدى مسارات عربية وعالمية منفتحة على ثقافات العالم وفنونه وآدابه وعلومه. منطقة المفرق معروفة بوصفها امتداداً للبادية الأردنية، والبادية تعني موئل الشعر والشعراء، وقد وجد شعراء الأردن في المناطق البعيدة عن العاصمة عمّان في بيت الشعر في المفرق مكاناً حميماً للشعر الذي يعني واسط البيت في الثقافة العربية، والشعر، أيضاً مكوّن رئيسي في الهوية الثقافية العربية، والشعر وعاء للغة وحاضن لها وكشّاف جمالياتها المتجددة عبر التاريخ والزمن. قلت شيئاً قريباً من هذه الأفكار عند افتتاح بيت الشعر برعاية من الشارقة في المفرق، وسوف نؤكد دائماً على المعنى الجوهري لهذا المشروع الثقافي الكبير، وقبل أيام التقيت الشاعر السعودي عبدالله الصيخان الذي كان من قبل قد تابع مشروع إنشاء ألف بيت شعر في الوطن العربي، وتحدث الشاعر الصديق بحميمية شاعر يرى في هذا المشروع احتراماً للشعر في المقام الأول، واحتراماً للشعراء العرب، واحتراماً للغة العربية التي تحمل أصلاً صورة الشخصية الثقافية العربية. إنشاء ألف بيت شعر في ربوع الوطن العربي ليس أمراً هيناً، بل يحتاج إلى جهد ووقت ومتابعة، وهذا ما تقوم به الشارقة في إطار مشروعها الثقافي، ونشير هنا إلى فعالية ثقافية عربية سنوية ترعاها دائرة الثقافة والإعلام في الشارقة هي تكريم الشعراء العرب في بلدانهم وبين أهلهم وأقاربهم وأصدقائهم في المدن المركزية، وفي مدن بعيدة عن العواصم، في المغرب، وفي الأردن، وفي ومصر، وغيرها من بلدان عربية. اليوم يجد هؤلاء الشعراء في بيوت الشعر العربية مكانهم ومكانتهم المتمثلة في وحدة ثقافية تلتقي فيها رؤى إبداعية، وجماليات أدبية يحققها الشعر من شرق الوطن العربي وحتى غربه. بدأنا ببيت الشعر في المفرق، وبعد أيام تستعد دائرة الثقافة والإعلام في الشارقة لإطلاق بيت الشعر في موريتانيا.. بلد المليون شاعر، وبلد الناس الطيبين المحبين لديوان العرب بطبعهم وفطرتهم الشعرية الأصيلة انطلاقاً من تراث عربي نقرأ تجلياته الصافية في اللغة الشعرية الموريتانية الموصولة دائماً بالصدق والمحبة. بيت الشعر في موريتانيا بعد أيام قليلة وبرحلة جمالية من الشارقة.. تحية للشعر، واللغة، والأهم من ذلك تحية للإنسان المبدع الذي يحوّل الأبجدية إلى وطن. الشعر.. الوطن الثاني للإنسان. yosflooz@gmail.com