×
محافظة حائل

11027 دعوى لـ«حضانة الأطفال» خلال 330 يومًا

صورة الخبر

مرت ذكرى اليوم الوطني هذا العام بمزيج من الأحداث والقضايا والمناسبات وفي جو سياسي عام ملتهب لتشكل لنا فرصة ذهبية لإعادة صياغة كثير من المفاهيم المتعلقة بوطننا تحديدا وليس بفكرة الوطنية فقط. هذه المفاهيم يمكن اختصارها في ثلاثية تكاد تكون معروفة لدى الجميع لكن إدارتها ثقافياً وإعلامياً وإحالتها إلى برامج ومشاريع ما زالت رهينة التعثر والتردد. هذا المثلث أضلاعه الهوية والإنسان والحرية. يمكن التقاط هذه المعالم بجلاء من خلال الظرف المصاحب لليوم الوطني في هذا العام. وإن كنا توقعنا من إعلامنا المحلي مجاراة لهذا الظرف إلا أن الصدمة كانت كبيرة في قناتنا الثقافية السعودية التي اكتفت من ليلة العيد وحتى أيام التشريق بترديد التكبير والتهليل مع تسليط للكاميرا على المشاعر في دلالة واضحة على غياب أي استعداد لمواكبة الحج وثقافته. وللقارئ إن شاء الرجوع لمقال الدكتور أمين ساعاتي في الاقتصادية ليوم الأحد الفائت تحت عنوان (علاقة الثقافة بالاقتصاد والتنمية) ففيه كثير من الإفادة حيال الأمر. أعود للمثلث الوطني وعلاقته بظرف اليوم الوطني لهذا العام وضرورة توظيفه وأقول إن (الهوية) والقيم المرتبطة بها وبتوافق الحج الركن الخامس في الإسلام بكل معالمه الروحية والعالمية مع ذكرى ولادة هذا الكيان العظيم، فإن الكثير يمكن قوله في ظل ظرف دولي بالغ الحساسية والتعقيد. يكمن الإشكال حين يكون الصراع بين النخب المحلية على هذه القيم الممثلة لتفاصيل الهوية ليجد المجتمع ويافعوه تحديدا نوعاً من الفصام والتبعثر في فهم كثير من الأمور. تقع المسؤولية الكبرى على علماء الشريعة في مسألة التجديد الفقهي وتحويل المسائل الفقهية إلى حراك ثقافي يتداعى عليه المثقفون بمختلف تخصصاتهم واهتماماتهم لتخلق نوعا من الوحدة تجاه القضايا المتجددة وتلك المرتبطة بحياة وأفكار الناس. إن المبادرة بالمعالجة من قبل (المخالف) و(الكاره) لقيمنا من الداخل أو الخارج هو شرخ للأفكار وإرباك للقضايا لا يصب في الاتجاه الصحيح. وإننا نعاني من مشكلة كبيرة في مقاربة (إنسان) هذا الوطن من حيث التمكين للأكفاء الأقوياء الأمناء، ومن حيث إقصاء الفاسد والمهمل. وهنا نحن أمام مشكلة معقدة؛ إذ قد لا يبدو الأمر مقصودا في ظاهره وذلك للتعقيد والاشتباك الشديد بين علاقاتنا الاجتماعية وقيمها المصاحبة وبين العلاقات المهنية والعملية التي يفرضها العلم وشروطه. هنا نحن بحاجة إلى اعتراف يشمل الجميع بلا استثناء مهما كانت مراكزهم، وإلى استعداد للعلاج مهما كان الألم الناتج عن التغيير ليتوج كل ذلك بدعم سياسي وقرارات شفافة بدت ملامحها في كثير من القرارات الملكية التي تحتاج إلى استثمار حقيقي يضمن خلق ثقافة مستمرة لا كحالة طارئة فقط. إن ملفاتنا الداخلية المعقدة في التنمية والإصلاح إن لم تبدأ بالمواطن المؤهل فنهايتها لن تسر. أما صديقتنا الخجولة (الحرية) فهذه حكاية أخرى. يرى بعض الأشخاص أن مصطلح الحرية اختطف في مجالنا المحلي لصالح الانفتاح الأخلاقي خاصة فيما يتعلق بالمرأة، وهذا صحيح، لكن يمكن تفهمه في سياق تطور المجتمع لينضج المفهوم لاحقا ليشمل الحقوق والتعبير وليكون فرصة مواتية لمستودعات الأفكار المفترض وجودها لترصد وتحلل وتعالج وتنتقي الأفضل لصالح تطوير الكيان الكبير. إن الحرية نجاة من التقليدية وضمانة لرقابة صادقة وشفافة عند تشخيص مشكلات المجتمع. إن لنا تجربة قريبة فيما يتعلق بحادثة سقوط الرافعة أو حادثة التدافع في منى؛ فلقد كانت هناك مساحة من الحرية في مواقع التواصل ليتحدث المواطنون، ولقد رأينا ولاءً كبيراً للوطن ووقوفاً مع الحكومة وتقديراً لجهودها مقابل حفلة التنكر والانتهازية المتوقعة من إيران وتوابعها، وفي نفس الوقت فهناك كثير من الآراء الناقدة والبناءة والداعية للمراجعة يمكن أن يفيد منها صاحب القرار. إن أهم عائقين مقابل الحرية هما التحمل النفسي للمخالف والمختلف والقدرة على التعاطي المنضبط معه، والخوف على المنجز القيمي والوطني، هذا الخوف المشروع ابتداء لا يصح أن يبقى حبيس المستوى النفسي بل أن يتحول إلى برامج ونماذج حية تعمل في الواقع.