أكدت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أن الأزمة الاقتصادية أدت إلى تفاقم الفوارق في بعض الدول الأوروبية وأن تداعيات ذلك ربما تستمر لعشرات السنين، حيث قد يتسبب خفض الإنفاق على التعليم لجيل كامل في كبح النمو طويل الأجل. ورغم أن الأزمة المالية لعامي 2007 و2008 أثرت سلبا بادئ الأمر في الأغنياء بدرجة أشد في معظم البلدان الأوروبية بينما وقت برامج الرعاية الاجتماعية للفقراء فإن برامج التقشف المفروضة منذ 2010 قد أدت إلى اتساع الفوارق. وبحسب "رويترز"، فقد ذكر مايكل فورستر محلل السياسات الكبير في المنظمة التي مقرها باريس أنه يمكن أن نتحدث عن فترتين مختلفتين منذ بدء الأزمة، عندما كانت دولة الرعاية تعمل بنجاح ثم التقشف. وأضاف أننا "قد نكون حاليا في مرحلة ثالثة وهي شديدة الاختلاف من بلد إلى آخر"، مشيرا إلى العودة صوب إجراءات لإعادة التوزيع منذ 2012 في دول مثل فرنسا في حين تواصل بلدان أخرى مثل بريطانيا خفض الإنفاق. وشهدت دول جنوب أوروبا مثل اليونان وإيطاليا وإسبانيا التي أجبرت على تنفيذ تقشف صارم بعد تعرضها لضغوط من أسواق السندات في 2010 و2011 زيادات حادة في تفاوت مستويات الدخل بين 2007 و2012. وفي إسبانيا تراجع الدخل الحقيقي للـ 10 في المائة الأشد فقرا نحو 13 في المائة سنويا بين 2007 و2011 مقارنة بـ 1.5 في المائة فقط للـ 10 في المائة الأكثر ثراء. في المقابل، فإن تفاوت الدخل وفقا لمعامل جيني الأكثر استخداما لقياس الفوارق، تراجع فعليا في ألمانيا وهولندا حتى 2012 وهو العام الأخير الذي تتوافر فيه أرقام قابلة للمقارنة. وأوضح فورستر أن تأثير الأزمة قد يستمر لسنوات، مشيرا إلى أن ربع الدول التي شملها مسح منظمة التعاون الاقتصادي تنوي خفض الإنفاق على التعليم في السنوات المقبلة، وغالباً ما يضر خفض الإنفاق على التعليم بالفقراء أكثر من الأغنياء. وأضاف فورستر أن "الوقت ما زال مبكرا لأن تأثر التعليم عندما يكون الدخل موزعا بدرجة أكبر من المساواة يستغرق عادة من عشر سنوات إلى 15 سنة". وأظهرت دراسة لمنظمة التعاون الاقتصادي هذا العام أن زيادة الفوارق نحو ست نقاط جيني لا تؤثر في الأكثر ثراء لكنها تخفض فرص تخرج الأشد فقرا من الجامعات بنحو أربع نقاط، ما يقلص الإمكانيات المستقبلية للاقتصاد. وقالت المنظمة "إن النمو يتباطأ على ما يبدو في معظم الاقتصادات الرئيسية في العالم بما فيها الولايات المتحدة وبشكل أخص في الصين"، مضيفة أن "مؤشرها الارتيادي الشهري الذي يهدف إلى رصد نقاط التحول في المناخ الاقتصادي أظهر نموا متوسطا بوجه عام، لكن منطقة اليورو ظلت مستقرة حيث تعزز النمو في فرنسا وإيطاليا وفي الهند".