×
محافظة المدينة المنورة

أمانة المدينة ترفع 1700 سيارة وهياكل تالفة

صورة الخبر

في خطوة استباقية كبيرة، أعلن الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، تشكيل تحالف عسكري إسلامي ضد الإرهاب يضم 35 دولة، إضافة إلى 10 دول أخرى أبدت تأييدها له. يضم هذا التحالف أهم وأقوى الدول العربية والإسلامية، بقيادة المملكة العربية السعودية التي هي محور العالم العربي والإسلامي من الناحية الدينية والسياسية والاقتصادية. يشمل هذا التحالف العسكري في عضويته جمهورية مصر العربية وجمهورية باكستان الإسلامية والجمهورية التركية، ودول الكويت، والإمارات العربية المتحدة، وقطر، ومملكة البحرين، إضافة إلى دول عربية وإسلامية في قارتي آسيا وإفريقيا هي الأهم على مستوى القارتين. يضم هذا التحالف 4.3 ملايين جندي، وهذا الرقم الضخم لعدد الجنود يوازيه بطبيعة الحال قوة عسكرية في العتاد، خاصة السعودية ومصر وتركيا والدولة النووية باكستان. ورغم أن التحالف ربما يتوسع لاحقا، إلا أنه لم يضم سلطنة عمان التي غالبا ما تتبع سياسة الحياد، كما لم يضم الجمهورية الإسلامية الإيرانية التي تتخذ سياسات مغايرة لطبيعة هذا التحالف، خلال منطلقاتها السياسية والأيديولوجية. وقد بيّن مستشار وزير الدفاع السعودي المتحدث باسم قوات التحالف العربي المشتركة العميد الركن أحمد عسيري، شرط الموافقة على انضمام إيران إلى هذا التحالف العسكري الإسلامي ضد الإرهاب، وهو أن تكفّ أذاها عن سورية واليمن، وأن تتوقف عن دعم الإرهاب في لبنان والعراق. لقد جاء هذا التحالف في وقت عصيب نشهد خلاله عودة التحالفات السياسية والعسكرية إلى العالم، بشكل يشبه تلك التكتلات التي شهدها العالم في نهايات القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين التي أفضت إلى الحربين العالميتين الأولى والثانية. غير أن الوضع اليوم مختلف جدا، إذ يشهد العالم إرهاصات كبرى لتكوّن نظام عالمي جديد، بدأت بـ"العولمة" الاقتصادية والثقافية، ويشهد العالم اليوم قيام تكتلات وتبعية وتغيرات سياسية متسارعة. فالاتحاد الأوروبي رغم أهميته بالنسبة لألمانيا وفرنسا، يعدّ مانعا أمام الولايات المتحدة لتحقيق غايتها بأن تكون مركز هذا النظام العالمي الجديد، خاصة أن روسيا تحاول هي الأخرى ألا تصلها مؤثرات هذا النظام الجديد محاولة المحافظة على مقدراتها ومكاسبها السياسية، والتي سعت إلى إعادة ترميم "مشروع بريماكوف" الشهير، خلال مجموعة BRICS ذات الهدف الاقتصادي الذي يضم الدول الأسرع نموا وهي: البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا، ولا يلوح في الأفق تحول هذا التحالف الاقتصادي إلى تحالف عسكري، لكنه يبقى أمرا واردا. وبالعودة إلى التحالف الإسلامي الوليد ضد الإرهاب، فإنه نواة مهمة للحد من التأثيرات السلبية التي يحدثها النظام العالمي الجديد، لا سيما في بلدان ما سمي بـ"العالم الثالث" في آسيا وإفريقيا. ولا يمكن بطبيعة الحال مقارنة هذا التحالف المهم بتحالفات القرن الماضي، منها "حركة دول عدم الانحياز" المنشأة عام 1960، والتي حاولت الدول الأعضاء فيها تجنّب الآثار المرتبة على الحرب الباردة "الساخنة" بين الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة الأميركية، بإعلان عدم الانحياز لأي من المعسكرين -ظاهريا على أقل تقدير- إلا أن هذه الحركة انتهت فعليا قبل تفكك الاتحاد السوفييتي بفترة طويلة. ولهذا، فإن قيام التحالف الإسلامي ضد الإرهاب بقيادة السعودية لن يكون محايدا في سبيل تهديد الإرهاب لأي من الدول الأعضاء، سواء كان خطره داخليا أو خارجيا؛ خاصة أن الدول الأعضاء في التحالف تعاني خطر الإرهاب، وتحتاج إلى وقفة جادة لدحره، بعد أن أصبحت الصورة النمطية بأن الإرهاب ينتمي إلى المسلمين المسالمين، وهنا جاء هذا التحالف ربما ليعيد المنطقية إلى هذه الصورة، لا سيما أننا في المملكة أول من اكتوى بنار الإرهاب تاريخيا، واكتسبنا الخبرة في كشف وسائله وتكوناته ونشوء منظماته. الأمر الذي يجعل المملكة جديرة بأن تقود هذا التحالف العسكري الذي ربما لن يكفي لمحاربة الإرهاب ما لم توجد لدينا الوسائل لمحاربته فكريا، خلال عملية "تحديث" المجتمعات الإسلامية وانتشالها من الجهل والفقر، لتسهم حضاريا في رسم معالم الإنسان المتحضر، مما يتطلب أن نكون شركاء "مدنيين" أيضا في بناء هذا العالم وتطويره والمحافظة على مكتسباته الإنسانية على مدى العصور التي أجهدت أسلافنا. ولن يتحقق هذا إلا إذا تم إعداد الأجيال الحالية والمستقبلية وتهيئتها، من أجل أن تكون مؤهلة للعيش وحماية مقدراتها التاريخية، ويحدونا الأمل أن يذكر التاريخ يوما أن العالم الإسلامي حمى نفسه وغيره من خطر الإرهاب بفضل تحالف عسكري من أجل عالم مدني.