بدأ الجزائريون عامهم الجديد بزيادات كبيرة في أسعار مختلف السلع بما فيها الأساسية واسعة الاستهلاك. فقد ارتفع سعر البنزين والجازولين مع بداية يناير/كانون الثاني الجاري بنسبة زادت على 30% دفعة واحدة. وترتب على زيادة سعر الوقود زيادات في كل المواد بالنظر لتأثيرها بارتفاع التكاليف. وسترتفع أسعار الخضراوات والفواكه إلى مستويات لم تُعرف من قبل. وأعلنت كل شركات الهاتف النقال، أمس الأول الجمعة، عن مضاعفة أسعار خدماتها بنسبة 100% التي كانت أصلاً مرتفعة بالقياس إلى معدل السعر المعمول به عالمياً. وترتفع أسعار الهاتف الثابت وكل خدمات البريد. وينتظر أن تزيد أسعار مواد البناء بنسب كبيرة. ويقول الخبراء إن الميزانية العائلية لكل بيوت الجزائر ستتأثر بشكل غير مسبوق. فخدمات الكهرباء والغاز والماء أيضاً ستشهد ارتفاعاً بما لا يقل عن 20% لتغطية عجز كبير في موازنة الدولة وإيجاد نوع من التوازن في الإنفاق العام. وستتأثر الفئات الهشة التي تتقاضى مرتبات بسيطة كما ستنزلق نسبة كبيرة من الطبقة الوسطى إلى رقعة الفقراء، تماماً كما حدث منتصف ثمانينات القرن الماضي، حين انهارت أسعار النفط، فدخلت البلاد في أزمة عميقة أدت بها إلى ما أفرزته التسعينات من اقتتال خلّف عشرات الآلاف من القتلى، وشرخاً في النسيج الاجتماعي صعُب ترميمه. وقد تزامنت هذه الأزمة الحادة الناتجة عن انهيار أسعار النفط مع انخفاض حاد لقيمة الدينار الجزائري الذي خسر أكثر من 15% أمام باقي العملات خلال العام 2015. ولا يستبعد أن تغلق مؤسسات إنتاجية وخدمية أبوابها بداعي الإفلاس، ويجد آلاف من العمال أنفسهم في عداد المتعطلين. وتنبأت أوساط سياسية ونقابية بحركات احتجاج واسعة ستعرفها البلاد في الأسابيع والأشهر المقبلة. مع هذا يرى كثيرون أن صعوبات هذا العام أهون مما يخبؤه انحدار أسعار البرميل. فقد أعلن مصطفى مقيدش عضو المجلس الاقتصادي الاجتماعي أن العام 2017 سيكون أكثر صعوبة بالنظر لطبيعة الاقتصاد الجزائري الذي لا يوفر حاجة السكان محلياً، ويعتمد بنسبة عالية على الاستيراد بأموال عوائد النفط والغاز. وبدأت الدولة قبل شهور حملة لزيادة الإنتاج الزراعي، والاستغناء عن كثيرٍ من الواردات، وقلّصت حجم استيراد السيارات إلى نسبة لم يسبق أن عرفتها البلاد، وصارت كل الكماليات على قائمة الممنوع استيرادها من مؤسسات الدولة، أو مؤسسات القطاع الخاص الذي كان يعتمد أيضاً على تبديل العملة المحلية بالعملة الأجنبية في البنوك.