×
محافظة المنطقة الشرقية

وليد صلاح الدين: ميدو.. لا تفرط في أي لاعب من الزمالك

صورة الخبر

يلعب الموروث دوراً مهماً في تكوين شخصية الإنسان وثقافته ومعتقداته. والموروث قد يكون معتقدات دينية أو أقوالاً أو أمثالاً أو أعرافاً من البيئة المحيطة والمجتمع، وخصوصاً إذا كانت البرمجة بالموروث هذا تمت أو بدأت في مرحلة مبكرة من عمر المتلقي، لذلك نرى في بعض المجتمعات عالماً في الذرة يقدس حيواناً حقيراً كالفأر مثلاً. وأقصد بالموروث هنا، ما هو موجود في ثقافتنا من أقوال مأثورة وأمثال وأشعار ومفاهيم، وهي بالطبع جزء من ثقافتنا وتاريخنا العريق، وفيها الكثير الكثير من الخير والإيجابية والمعاني النبيلة والحض على مكارم الأخلاق، لا شك في ذلك أبدا. وتبقى هذه الأقوال والأفعال والأمثال إما مجهولة المصدر، أو صادرة عن أفراد شعراء كانوا أو حكماء أو أبطال ولكنهم في النهاية بشر غير معصومين يخطئون ويصيبون ، وقد يكون ما قالوه صالحا في زمن دون آخر، إذن لا قدسية لهذه النصوص ولا إثم أو عيب في مخالفتها، بل ربما تكون مخالفتها أو مخالفة بعض منها بل وإلغاؤها من عقولنا هو عين الصواب. فكم من الأمثال وأبيات الشعر التي أصبحت أمثالاً لكثرة استعمالها وترديدها، كانت سبباً في وأد طموح وأحلام الملايين، وقوت في أنفسهم المقاومة للتغيير الإيجابي والتحول لما هو أفضل، معتقدين أن هذا نوع من الثبات على المبادئ والقناعة المحمودة، وشتان بين القناعة وبين التقاعس والسلبية والتخاذل. ومن هذه الأمثلة (مد رجولك على قد لحافك) و(ارضى بمجنونك لا يجيك أجن عنه) أو (لو كل من جا ونجر ما تم في الوادي شجر) و(لو فيه خير ما عافه الطير) و(حلاة الثوب رقعته منه وفيه) و(طبعي لو على قص صبعي) و(القطو العود ما يتربى) وحتى أبيات المتنبي: ما كل ما يتمنى المرء يدركه تجري الرياح بما لا تشتهي السفن دعوة للرضى بالواقع لا لصناعة الواقع والمستقبل وهناك أمثال أخرى أشد تدميراً من هذه، وهي التي تؤدي إلى احتقار الإنسان لذاته والمبالغة في الاهتمام بالآخرين على حساب نفسه و صحته وطموحه الشخصي، معتقداً أن ذلك من الإيثار المحمود وخلاف الأنانية المقيتة، فخسروا حياتهم وأصبحوا جسراً يعبر فوقه الناس ويتركونه خلفهم بعد ذلك، ومن أمثلتها (كن شمعة تحترق لتضيء للآخرين)!!! وتأملوا معي لفظة (تحترق)!! أي أذى وألم يمكن أن تلحقه هذه العبارة في نفس الإنسان؟! فماذا بعد الحرق؟ إلا الرماد! لو كانوا يفقهون! هناك أيضاً مثل (أكبر منك بيوم أفهم منك بسنة) ولا خلاف في أن للسن دورا في تراكم الخبرات والتجارب والاستفادة من دروس الحياة، ومع ذلك فقد سجل التاريخ ما لا نستطيع إحصاءه من حالات تفوق الصغار على الكبار بل وعلى أساتذتهم، وتكرار الكثيرين لنفس الأخطاء مرة تلو الأخرى بالرغم من تقدمهم في العمر، وتكون الغاية من استخدام هذا المثل غالباً هي القمع المبطن لمن هو أصغر منك سناً! وقد مر معنا في سنوات الدراسة الكثير من النصوص الأدبية والقصائد الشعرية التي حوت فقرات أو أبياتا اشتهرت كأمثال على ألسنة الناس لا نشك إطلاقاً في بلاغتها وفصاحتها وجزالة معانيها، ولكن إخراجها من سياقها كالمناسبة أو الظروف التي قيلت فيها وتعميمها وتلقيها كمسلمات وقواعد هو ما أضر بجمهور المتلقين. والخلاصة أننا إما قد تعاملنا مع هذه النصوص على أنها نصوص مقدسة أو تشريع منزل، دون مخالفتها ولو قدر أنملة، أو أصبحت هي الشماعة التي نعلق عليها كسلنا وتخاذلنا وفشلنا وتقاعسنا، ونستخدمها لتبرير سلوكياتنا السلبية لتمنحنا الشعور بالراحة والرضا عن أنفسنا من دون أدنى شعور بوخز الضمير أو اللوم.