×
محافظة المنطقة الشرقية

السيد الناصر يدعو لمساندة رجال الأمن لاستئصال الفكر التكفيري

صورة الخبر

تضاريس المنطقة تتغير في شكل متسارع ، فما عاشته خلال السنوات الخمس الأخيرة من صحوة للأصوليات جعلها تعيش النكوص بمرارة، إذ لم يعد أمام إنسانها سوى الهروب الذي بات اسلوباً لشعوب تحمل في مخيالها التاريخي الكثير عن ذكريات القدوم والترحال والرحيل. هذا الملمح في التفكير المجتمعي أشد ما يكون حاضراً في تاريخنا، فكثيراً ما يتناول البعض وجوده بالقادم من الجنوب والراحل نحو الشمال، ما تسبب في أننا، كشعوب عربية، في المشرق خصوصاً، نألف الرحيل أمام مواجهة الأزمات، وعلينا أن نعترف بأن كثيرين منا لا يحترفون فن الدفاع عما يملكون. صحونا ذات ربيع على أصولية بيننا، كنا قبلها نراها تحارب في الشرق الشيوعية، فكثيراً ما هوينا كعرب الحرب مع المشرق والجدال مع الغرب، والأكثر أننا أمام الشمال حملنا مفارقة التأمل، وأما الجنوب فاعتبرناه ماضياً لا يستحق كثيراً أن نتوقف عنده، لذا كنا نعتبر أي قادم منه أو ذهاب إليه مجرد نزهة، لذا تركنا السودان وجنوبه وكل مرة نصحو على يمنٍ يحتاجنا أكثر. نحن العرب مركز يهوى الاتجاهات، ويهوى مركزيته ولا يتعلق بها، لذا دوماً يشتبك مع جواره على قاعدة التاريخ والذكريات أكثر مما تستوقفه قاعدة الجغرافيا والتضاريس، ولهذا لم نتمكن في عز عصورنا التاريخية من السير باتجاه الشمال نحو القسطنطينية وتركناها خلف ظهورنا فانساحت جيوشنا مشرقاً ومغرباً. في المغرب أنشأنا جنةً وسميناها «لم يكن وصلك إلا حلماً»، وفي المشرق أوغلنا واعتبرناه «بستاناً» وبكينا على ضياع جنة الغرب «الأندلس» ولم نتعظ من كل ما صدّر لنا الشرق من جدل وموت. ما ورد أعلاه بعض من الشرح لمخيال لا يتعب، وهو شرح أحوج ما نكون لمن يتفهمه أكثر، في لحظة وزمان نعاني فيهما من التعب، ذلك التعب العتيق الذي بدأ بفلسطين واحتلالها، وعشنا عقوداً عليه نألفه. واليوم متعبون أكثر بهجرات شعوبنا وتشتتها وضياع على ضياع، ليأتي ما لم يكن بالحسبان، حين كنا نظنه لعبة نهواها أن يأتي الغرب لنا ولا يعنينا أمر جارنا المشرقي، لكن اللعبة توقفت، فقد اتفق جارك الشرقي مع محاورك الدائم، مع من كنت تألفه دوماً. إنه اتفاق الجار الإيراني مع أوروبا وأميركا، جاء إلينا في لحظة التعب، ونحن نتأمل الذات العربية وما تبقى منها. ترى أي تعب هذا الممتد مع الحاضر. لقد وضع الاتفاق الإيراني الأميركي كل مفردات مخيالنا على الطاولة وباتت اتجاهاتنا تخنقنا إن لم نصحُ وننفض الرماد، كما اسطورة طائر الفينيق!