تختلف أرقام حقيبة المتابَعين في كل حساب في «تويتر» باختلاف اهتمامات أصحابها، وفي الغالب نجد أن هذه الخانة لا تحوي أرقاماً كبيرة، إلا أن حجمها يرتبط إجمالاً بأهمية الشخص ومحتوى حسابه وفعاليته وتفاعله. وتختلف الآراء في شأن علاقة حسابات «تويتر» مع أصحابها، فمنهم من يراها مرايا لأصحابها، بمعنى أن مضمون الحساب هو المقياس لأخذ الانطباع عن صاحبه، ويعتبر آخرون أن عدد المتابَعين والمتــابِعين هو الــذي يكوّن التصور عمن يحــرك الحسـاب. ويقول المُغرد عبدالله بن عبدالهادي: «لا أهمية لأي حساب في تويتر من دون عدد متابعين كبير، المتعة تكمن في أن تجد تفاعلاً مع أي تغريدة تنشرها، وهذا لا يكون بعدد متابِعين قليل». ويضيف: «لا يهم كم شخصاً تتابع، الأهم كم متابِعاً لديك». ويتحدث عبدالهادي، الذي يتابعه أكثر من 94 ألفاً، فيما يتابع نحو 40 ألفاً، عما فعله ليحصل على المتابِعين: «كنت أضيف عدداً كبيراً من الحسابات في بداية اليوم، وفي نهايته ألغي متابعتهم، فيلغي نحو 75 في المئة منها متابعتي ويستمر الباقون معي، وهم في الأساس الشريحة التي أستهدفها»، مُؤكداً سهولة الأمر، خصوصاً أنه يستخدم برامج تساعده في تحقيق مبتغاه. ويذكر أنه اعتمد هذه الطريقة قبل نحو عام، أي قبل أن يغيّر «تويتر» سياسته في هذا الشأن: «يبدو أن الموقع لم يجد حساباً آخر ليمارس عليه سلطاته غير حسابي، إذ تم إيقافه ثلاث مرات بسبب متابعتي لأعداد كبيرة من الحسابات، واستمر آخر إيقاف أربعة أشهر، لم يعد تفعيل الحساب إلا قبل ثلاثة أسابيع بعد مراسلات عدة خاطبت فيها الشركة عبر الإيميل». ويتابع: «أنا راضٍ بعدد الذين يتابعون حسابي، لن أكرر ما فعلته في السابق، بالتأكيد ليس ندماً، ولكن خوفاً من إغلاق حسابي مرة رابعة». وعن مضمون التغريدات التي يبثها عبر حسابه الذي لا يحمل اسمه، يقول عبدالهادي إنها عادية جداً، إذ كانت «صوراً وأدعية وقصائد». ومن السويد، يداوم عامر بن خميس على نشر تغريدات ينقل بها بعض ما يشاهده في هذه الدولة لمتابعيه، ويقول: «بدأت التغريد في 15 تشرين الأول (أكتوبر) 2011، أثناء دراستي في برنامج اللغة السويدية والثقافات الإسكندنافية في مدينة لوند السويدية، وكانت تغريداتي تحوي تعريفات بالأنظمة السويدية إضافة إلى مشاهداتي اليومية في هذا البلد، والتعريف بحياة السويديين، مع إظهار اختلاف الثقافات بيننا وبينهم وتوضيح الإيجابيات والسلبيات». ويشير عامر، الذي يتابِع نحو 770 حساباً، ويتابعه أكثر من 12 ألفاً، إلى أنه في العام الأول من بداية التغريد تابعه نحو 8 آلاف، ويضيف: «يبدو أن هناك أشخاصاً لديهم اهتمام بالاطلاع على ثقافة هذا البلد، وإن كنت أنقل غالباً الإيجابيات التي أراها، إلا أنني أيضاً لا أغفل عن ذكر السلبيات، حتى أنني قمت وبنصيحة من أحد الزملاء الدارسين في هذا البلد، بإنشاء هاشتاق «#سلبيات_السويد»، لإظهار جانب آخر لم يكن معلوماً لدى كثيرين عن العلاقات الاجتماعية والعزلة في السويد، فمثلاً كثيرون من السويديين لا يعرفون عن جيرانهم شيئاً». ويضيف ابن خميس: «المحتوى الذي أقدمه دفع المهتمين إلى متابعتي، وكنت أهتم في البداية كثيراً بهذا الأمر، إذ كنت أسعد وما زلت بالتفاعل معهم»، مشيراً إلى أن معظم من يتابعهم هم أصدقاؤه ومعارفه أو «من يغردون بمحتوى مميز من الناحيتين الثقافية والاجتماعية». ويذكر أن من النادر أن يلغي متابعة حساب «إلا في حال صدرت منه تغريدات تحمل استهزاء بالدين». ويقول المتخصص في الإعلام الجديد الدكتور عمار بكار: «من المفترض ألا يكون المجتمع لديه هذا الهوس في تقويم الناس بناءً على الأرقام، ويجب ألا نسمح للأرقام بأن تكون هي المعيار في تقويم الأشخاص»، ويضيف: «ليس من الخطأ أن تتابع الكثير من الحسابات لكي يتابعوك، لكنك بالتأكيد إذا ألغيت متابعتهم حال متابعتهم لك فإنك بهذا تحاول عكس واقع مزيف لنفسك، لأن الأرقام في تويتر لها دلالة عند كثيرين على شعبية الشخص واهتمام الناس بقراءة ما يكتب وشهرته». ويتابع بكار: «هناك مفكرون ومثقفون وكتاب بارزون موجودون على تويتر وليست لديهم أرقام كبيرة من المتابِعين، لأنهم لم يعتنوا بذلك بسبب انشغالهم. وفي الوقت ذاته هناك أشخاص عاديون جداً بعضهم ربما يقوم بالتغريد بأشياء خاطئة تعتمد على الإثارة والغوغائية ليحصلوا على عدد متابِعين كبير، وهذا الهوس بعدد المتابِعين خلق هذه الظواهر السلبية». ويلفت إلى أن «هذا الهوس انحسر في المجتمعات الغربية بشكل كبير، ومن المفترض أن ينحسر لدينا».