• هل سبق لك أن موَّلت إرهابياً أو ساهمت في دعم خلية متطرفة ؟! أعرف أن السؤال صادم ومفاجئ ومزعج بالنسبة لك ، لكن قبل أن تتسرع بالنفي المطلق ، دعني أقول لك أن هذا الأمر قد يحدث معي أو معك أو مع أي أحد ، فأموالنا قد تدخل - دون علم منا طبعاً- في دعم حسابات عصابات إرهابية ، وهذا بالتأكيد لا يعني أننا مؤيدون للإرهاب ، أو أننا سذّج ومغفلون، بقدر ما يعني قدرة تلك العصابات على خديعتنا .. وعلى إتقانها الشديد للتخفي وابتكار الحيل التي تضمن استمراريتها واستقطاب الأموال اللازمة لتمويل نشاطاتها وثراء كبرائها بأي طريقة كانت ..الأمر الذي يستلزم منا بالمقابل ضرورة التعرف على هذه الأساليب والتنبه لها . • ولأن كل المال حِلٌ لبني إرهاب ، ولا فرق في أعرافهم بين حلاله وحرامه ، حتى من يدَّعون التدين منهم ، لذا فإن أول وأبسط هذه الأساليب وأكثرها نجاعة يكمن في استغلال الحس الديني والإنساني عند الناس، وسرقة أموالهم بذريعة الأعمال الخيرية مثل بناء المساجد ، أو حفر الآبار وإنشاء المستشفيات والمدارس أو مساعدة الأيتام والأسر المحتاجة وضحايا الحروب ،وهنا لابد من التفريق بين الجمعيات الموثوقة وبين العصابات المشبوهة التي تنشط على الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي . • بعض المساهمات التجارية والعقارية ( مثل المساهمات السريعة ) هي أيضاً من أهم أساليب تمويل الإرهاب وأسهلها ، خصوصاً مع الحالمين بالثراء السريع والسهل ..كما أن الاختباء تحت غطاء مشاريع استثمارية تبدو نظامية في ظاهرها مثل المصارف أو مؤسسات تحويل الأموال العالمية ، التي قد يعمل بعضها كغطاء لعمليات مشبوهة تنشط في غسيل وتبييض الأموال ، وتحويلها لقياصرة الإرهاب ، تعد هي الأخرى من حيل التمويل الناجعة التي لا تستطيع الحكومات والجهات الرقابية، تتبعها ومراقبتها للأسف ؛ نظراً لاستغلالها لحماية قوانين العمليات المصرفية العالمي . • ولأنه لا حرام -كما قلنا - في أعرافهم فإن السرقة و تجارة المخدرات تعد من أهم أنشطتهم كما يفعل تنظيم ( حسن نصر الله) في لبنان ، وبعض جنرالات الحرب الأفغانية .. أو كما يفعل تنظيم القاعدة في المغرب الذي يوفر الحماية لمهربي الحشيش والكوكايين المتجه لأوربا عبر الصحراء الإفريقية، مقابل الحصول على مبالغ مالية ! . أما على صعيد السرقة والنهب المباشر للبنوك والممتلكات الخاصة فبحسب تقديرات البنك الدولي استطاع تنظيم داعش الاستيلاء على أكثر من 400 مليون دولار من بنوك العراق خلال العام 2014 فقط . • أخيراً وفضلاً عن الدعم المالي المباشر من بعض الدول الراعية للإرهاب مثل إيران التي تمول ـ بشكل مباشر وعلني ـ بعض الجماعات المتطرفة من أجل تنفيذ إيديولوجياتها وأجنداتها وأهدافها السياسية والاقتصادية ، فان هناك العديد من الأساليب التي ابتكرتها المنظمات الإرهابية لتمويل ميزانياتها مثل الاختطاف وطلب الفدية ، سرقة النفط ،والاتجار بالبشر وأعضائهم . • تمويل الإرهاب ليس بالضرورة أن يكون مباشراً ومقصوداً ، السقوط في أي من هذه الأعمال يعتبر دعماً لمحاور الشر ، حتى وإن كان من غير قصد .. لذا من المهم التنبه لمثل هذه الألاعيب وتجنب السقوط في حبائلها ، مهما بدت بسيطة وخيّرة مثل التسول ، ودفع أموال الزكاة الذي ينشط في مثل هذه الأيام في كل مساجدنا . m.albiladi@gmail.com