د.عبدالله الأسمري لقد نجحت المملكة العربية السعودية بفضل الله بالاستثمار في العقول البشرية من خلال برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي الذي أصبح في مرحلته الخامسة بالإضافة للبعثات الأخرى التي لم تتوقف منذ سبعينيات القرن الماضي. الجدير بالذكر أن هناك الكثير من المرافقين للمبتعثين استغلوا واستثمروا وجودهم في أرض البعثة. حيث كان الاستثمار لبعضهم برغبته والبعض الآخر مجبر حسب أنظمة البلد الذي يُقيم فيه وبالأخص الأطفال حيث يتاح لهم التعليم المجاني أو غيره، ومن المعروف أن التعليم في تلك الدول متقدم بشكل كبير بالإضافة لفرص اكتساب اللغة والثقافة الجديدة. ولكن للأسف هذه الثروة المعرفية والثقافية التي اكتسبها أبناء المبتعثين مهدده بالتلاشي بعد عودتهم لأرض الوطن، مما يجعل أبناء المبتعثين في خطر. وهذا يدل على أن عملية الاستثمار في عقول أبناء المبتعثين لم تستثمر بالشكل الصحيح مقارنة بذويهم. فاعتقد أن الخطر الأول على أبناء المبتعثين خلال فترة البعثة حيث أُهمل تعليمهم اللغة العربية بسبب قلة المدارس السعودية في تلك الدول أو قله الدعم لها مما أدى لتلاشيها تدريجياً وأصبحت المسؤولية على ذويهم الذين هم مشغولون بأنفسهم. والخطر الآخر بعد عودتهم لأرض الوطن حيث يفقد الكثير منهم ما تعلموه من لغة وعلوم ومهارات مختلفة لأسباب عديدة. ومن المعروف أنهم تعلموا في أنظمة وبيئة تعليمية متقدمة ومختلفة تماماً عن النظام التعليمي السعودي، ويصعب على أغلبية المبتعثين تدريس أبنائهم في مدارس عالمية تتوافق مع برامجهم السابقة. مما يؤدي إلى تدريسهم في مدارس التعليم العام الذي يعاني مما هو فيه (مثل: تجاوز عدد الطلاب ٣٠ طالباً في الغرفة الواحدة). فاقترح على وزارة التعليم ممثلة في وزيرها الذي يعول عليه الكثير للنهوض بهذه الوزارة التي تعتبر من أهم الوزارات في هذا الوطن الغالي بأن ينشئ برنامج ابتعاث داخلي خاص بتدريس أبناء المبتعثين في المدارس العالمية المعتمدة داخل السعودية حتى لو كان الدعم بدفع ٥٠٪ من رسوم الدراسة على الأقل. وهذا يعتبر إستثمار في العقول الشابة لتحقيق رؤية السعودية ٢٠٣٠ وسيوفر على الدولة في المستقبل إبتعاثهم من جديد بالإضافة لتخفيف العبئ على مدارس التعليم العام وتوسيع مدارك الطلاب بإتقان لغات وثقافات متعددة مع العلم أن بعض دول الخليج لديها برامج خاصة لأبناء المبتعثين بعد عودتهم بعضها تختص بتعليم اللغة العربية. لأن الاستثمار الحقيقي هو الذي يستمر ولا يتوقف.