من الكتّاب من هم متأثرون بالمطربين العرب، في تكرار الجملة بعشرين طريقة، عسى أن تصل رسالة المعنى أو متعة النغم. لقد رأيت أن أعود إلى موضوع مهمّ، كتبت في شأنه قبل أسابيع، وأعلم جيّداً أنه دخل أذناً وخرج من أخرى. العجلة من الشيطان، كان الأجدى تركه للشهر الفضيل. المبحث طريقة كتابة المصاحف. سأقول ما لم أقله من قبل. ثمّة مسألتان على القارئ الكريم الإجابة عنهما بصراحة. الأولى: كم عدد الأشقاء العرب، ولا حديث عن جميع المسلمين، الذين يدركون يقيناً سبب كتابة الآية وطباعتها على هذا النحو: واسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ (سورة ق)؟ الأخرى: كيف تنظر الفتيات والفتيان إلى هذه الآية، والمئات غيرها، وهم يرون أن الرسم والإملاء ينافيان ما تعلموه في المدارس؟ وبما أن القرآن مقدس، فسوف يقولون إن طريقة المصاحف هي الصحيحة، فلماذا تصرّ المناهج على الغلط ومجافاة العربية السائدة؟ لا يستطيع غير المكابر المعاند الإصرار على هذا الموقف. ما لا يقدر أحد على ردّه، هو أن الكتاب لم ينزل مكتوباً ولا مطبوعاً، والقداسة غير واردة على الإطلاق في شأن الكتابة والحروف والرسم والإملاء. ولو نزل القرآن المجيد في زمن كانت فيه الكتابة بغير الخط والأبجديّة الآراميّين السريانيّين، لكان تدوين العربية بخط آخر، مثلما يكتبون التركية بالأبجديّة اللاتينيّة. لقد ظلت القبطية تكتب بالحروف اليونانيّة مع إضافة سبعة أصوات تخصّ المصريّة القديمة. كتابة الآية الشريفة على ذلك النحو، بحذف الياء من ينادي والمنادي، مردّها إلى أن الآرامية السريانية ليس فيها مدّ بالحروف المصوّتة، الألف والواو والياء، ولذلك جاءت المصاحف الأولى: السموات، الذريت (الذاريات)، وغيرها بالآلاف. ولو كان لهذا الإصرار الذي دام أكثر من أربعة عشر قرناً، ما يدعمه أو حتى يبرّره، لقلنا رأينا وقرأنا وأطعنا. خذ تصوّراً عجيباً: في درس الإملاء يطلب الأستاذ من تلاميذه كتابة الآية المذكورة، فيكتبها فريق بالياءين، وفريق بلا ياءين، فمن يحصل على صفر، ومن يحصد عشرين على عشرين؟ إذا طبّق رسم المناهج السائد، فسوف يصبح في نظرهم خارجاً عن المصحف، وإن حكم بالمألوف في المصاحف، فسيقولون: ولماذا علمتّنا ما لا يتفق وكتاب الله؟ لزوم ما يلزم: النتيجة التناقضيّة: نحن ننفي تأثير الآراميّة السريانية، بالإصرار على التأثر بالآرامية السريانية، (شي يجنّن). عبد اللطيف الزبيدي abuzzabaed@gmail.com