عشرة من كل مائة مصرف سويسري خاص اختفت من رادار المركز المالي للبلاد في غضون الأشهر الـ 12 الماضية، إما بسبب الاندماج، أو الاستحواذ، أو التصفية، لينخفض عددها من 133 مصرفا في آب (آغسطس) 2014 إلى 121 في 2015، إلى 117 في الشهر الحالي من عام 2016. ووفقا لدراسة نشرتها الهيئة الاستشارية الاقتصادية "كي بي إم جي" فإن ثلثي المصارف والمؤسسات المالية في البلاد تواجه انخفاضا في أداء الصناديق الخاصة بها وتبحث عن النمو، لكنها تواجه مشكلة في تدفقات الأموال الصافية التى أصبحت سلعة نادرة على نحو متزايد، متوقعة تراجعا في عدد المصارف بنسبة 30 في المائة في غضون ثلاث سنوات. وعموما، فإنه ليست هناك عودة في الأفق المنظور لوضع أفضل للمصارف الخاصة، مثلما قال، كريستيان هنترمان، المسؤول عن قسم الخدمات المالية في "كي بي إم جي". الذى لم تكن لديه أنباء جيدة ليعلنها فيما يتعلق بتدفق الأموال للمصارف الخاصة، مشيرا إلى أن هناك تراجعا في العوائد، وتآكلا في هوامش الأرباح، وضعفا في تدفق الأموال الجديدة. واستندت الدراسة على تحليل التقارير السنوية لـ 87 مصرفا خاصا موزعة على المناطق اللغوية الثلاث في البلاد، وتُمثل ترليونا و449 مليار فرنك (1525 مليار دولار) من الأصول تحت إدارتها، وتستخدم 25 ألف موظف في سويسرا، لكن تم استثناء المصرفين السويسريين الأول والثاني، (يو بي إس، وكريدي سويس)، و"بيكتيه"، و"لومبارد أودييه"، و"ميرابو". وقسمت الدراسة المصارف الخاصة النشطة في قطاع إدارة الثروات في البلاد إلى أربع فئات، واحدة تقف في أقصى السُلَّم، وهي المصارف التي حققت أداء قويا، لكن لم يتجاوز عددها 18 في المائة من مجموع المصارف التي تم تحليلها، وفي أقصى الطرف الآخر تقف المصارف التي تم وصفها بتقديم أداء منخفض يُراكم خسائر مالية منتظمة، وتشهد أصولها تحت الإدارة تراجعا منتظما، وفي الوسط هناك المصارف التي أظهرت أداء متوسطا مع وضع مالي يميل إما إلى التحسن أو التدهور، أما المصارف التي ظهرت في فئة الأداء الضعيف فهي تلك المُهدَّدة بوضوح بـ "الاختفاء". وعلى الرغم من أن المصارف السبعة التى ظهرت في هذه الفئة قد أعيد بيعها أو تصفيتها خلال الـ 12 شهرا الماضية، إلا أن إجراءات الدمج ضمن القطاع لم تنته بعد، ويقول هنترمان، إنه من الممكن جدا رؤية تقلص سنوي جديد في عدد المصارف الخاصة بنسبة 10 في المائة في غضون السنتين أو الثلاث سنوات القادمة. وتوقعت "كي بي إم جي" تراجعا في عدد المصارف بنسبة 30 في المائة في غضون عدة سنوات، ويشير هنترمان، إلى أن هذه التوقعات يمكن أن تكون "متواضعة" إذا ما تم الأخذ بنظر الاعتبار أن مصرفا واحدا من عشرة مصارف قد اختفى من السوق فعلا في غضون عام واحد. وفي عام 2005 كان هناك 181 مصرفا خاصا في سويسرا، لينخفض العدد إلى 165 في 2010، و160 في 2011، و149 في 2012، و140 في 2013، و133 في 2014، و121 في 2015، و117 في 2016. وتلقت كل المصارف التي تم تحليلها مبلغا صافيا من تدفقات الأموال الجديدة بحدود 4.3 مليار فرنك (4.5 مليار دولار) في 2015، وهو أضعف مستوى تم تسجيله منذ عام 2009، ولم يتردد هنترمان، في القول في دراسته المنشورة باللغتين الألمانية والفرنسية: "إنه لا توجد أموال جديدة"، حيث عانى 54 في المائة من المصارف من خروج صاف للأموال. ويتضح من الدراسة أن وضع المصارف الخاصة أسوأ في الجزء السويسري الناطق بالفرنسية منه في الجزء الناطق بالألمانية، فالمصارف في الأول تعرضت لخروج أموال بلغت 3.8 في المائة، في حين استفادت مصارف الجزء الناطق بالألمانية من تدفق في الأموال الداخلة بنسبة 0.7 في المائة. وفيما يتعلق بجانب التحكم في التكاليف، فالمصارف التي تم تصنيفها ضمن فئة الأداء العالي خرجت جيدة نسبيا إذ أصبحت نسبة التكلفة إلى الأرباح (تدخل ضمن التكلفة رواتب الأفراد أيضا) تمثل الآن 67.2 في المائة من كامل التكاليف، في حين أن نسبة التكلفة إلى الأرباح في المصارف ذات الأداء الضعيف بلغت 107 في المائة، وهو ما يعني أن نشاطاتها لم تعد مربحة. وكنتيجة لذلك، وظَّف القطاع المصرفي 10 في المائة من الموظفين أقل مما كان عليه الحال قبل خمس سنوات، وقد أنشأ عديد من المصارف السويسرية فرصا وظيفية في الخارج، وفي النهاية فإن 27.6 في المائة من المصارف الخاصة التي خضعت للدراسة تعرضت لخسائر العام الماضى بزيادة 1 في المائة أكثر من العام السابق. وأفادت الدراسة الاستقصائية السنوية لـ "كي بي إم جي" التي نشرتها مع جامعة سانت كالن، أنه على الرغم من اختفاء المصارف الخاصة الأقل ربحية، إلا أن أداء القطاع المصرفي بشكل عام لم يتحسن، إذ إن ثلثي المؤسسات المصرفية الـ 87 التي شملتها الدراسة شهدت نتائجها تدهورا في العام الماضي. وفي العام الماضي، توقعت "كي بي إم جي" اختفاء ما يصل إلى 30 في المائة من المؤسسات المصرفية "في غضون سنوات قليلة"، وأوضح مختصو الشركة أنه إذا ما تم الأخذ بنظر الاعتبار تدهور السوق، وقوة الفرنك، والفائدة السلبية التي تبنتها أغلب المصارف، فإن هذه التنبؤات تظهر حتى الآن أكثر اعتدالا. وفي العام الماضى سجلت 15 عملية اندماج واستحواذ شملت القطاع الخاص للمصارف السويسرية، وهو رقم قياسي لم يتم تسجيل مثيله منذ عام 2007، لكن أصول العملاء تحت الإدارة انخفضت بنسبة 100 مليار فرنك (105 مليار دولار) لتصل إلى 1449 مليار فرنك العام الماضي (ترليونا و525 مليار دولار)، وذلك بسبب ظروف السوق، وقحط السيولة، وقد بلغ المجموع الصافي لتدفق الأموال الجديدة 4.3 مليار فرنك (4.5 مليار دولار)، وهو أدنى مستوى منذ عام 2009. ويرى معدو الدراسة، أن القطاع المصرفي الخاص في سويسرا تحوَّل إلى "مجتمع ذي سرعتين، جزء منه يتقدم بسرعة فائقة، والآخر ببطء بخلاف المتوقف"، يقول هؤلاء إن "يو بي إس"، و"كريدي سويس" فضلا عن اللاعبين المهمين، أي المصارف التي تملك تحت إدارتها كتلة من الأموال تتجاوز 100 مليار فرنك، تهيمن على السوق المحلية من خلال عمليات شراء كبيرة ونمو اقتصادي قوي. وتشير الدراسة إلى أن المصارف الصغيرة والصغيرة جدا "مشغولة بإزالة الشوك من قدميها خارج اللعبة" وتحقق تقدما ضعيفا من خلال "منافذ راسخة قديمة من النجاح"، أما المصارف متوسطة الحجم، التي تدير أصولا بين 25 و100 مليار فرنك (بين 26 و105 مليارات دولار)، فتقف في الجانب الخطأ من الشريط، حيث تعاني موقفها "في المنتصف"، إلا أنه توجد في النهاية بعض الاستثناءات.